كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 4)
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)
(ولو أن أهل الكتاب) أي لو أن المتمسكين بالكتاب وهم اليهود والنصارى على أن التعريف للجنس بيان لحالهم في الآخرة (آمنوا) الإيمان الذي طلبه الله منهم، ومن أهمه الإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما أمروا بذلك في كتب الله المنزلة عليهم (واتقوا) المعاصي التي من أعظمها ما هم عليه من الشرك بالله والجحود لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(لكفرنا عنهم سيئاتهم) التي اقترفوها وإن كانت كثيرة متنوعة لأن الإسلام يجبُّ ما قبله، وقيل المعنى لوسعنا عليهم في أرزاقهم (ولأدخلناهم) تكرير اللام لتأكيد الوعد (جنات النعيم) مع المسلمين يوم القيامة.
(ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل) بما فيهما من الأحكام التي من جملتها الإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم (وما أنزل إليهم من ربهم) أي من سائر كتب الله التي من جملتها القرآن فإنها كلها وإن نزلت على غيرهم فهي في حكم المنزلة عليهم لكونهم متعبدين بما فيها (لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) ذكر فوق وتحت للمبالغة في تيسر أسباب الرزق لهم وكثرتها وتعدد أنواعها.
عن ابن عباس قال: لأكلوا من فوقهم يعني لأرسل عليهم السماء مدراراً، ومن تحت أرجلهم قال يخرج الأرض من بركتها، وعن قتادة نحوه.
(منهم أمة مقتصدة) جواب سؤال مقدر كأنه قيل هل جميعهم متصفون
الصفحة 16
460