كتاب الكافي في فقه الإمام أحمد (اسم الجزء: 4)

أحدهما: لا يضمن شيئًا؛ لأن القطع صار قتلًا لنفس لا ضمان فيها.
والثاني: تجب دية الطرف؛ لأن الجناية أوجبت ديته، والردة قطعت سرايته، فلا يسقط ما تقدم وجوبه، كما لو قطع يده، فقتل المجروح نفسه، وفي قدر الواجب وجهان:
أحدهما: أرش الجرح بالغًا ما بلغ، كما لو قتل الرجل نفسه.
والثاني: أقل الأمرين من أرشه، أو دية النفس؛ لأنه لو لم يرتد، لم يجب أكثر من دية النفس، فإذا ارتد، كان أولى ألا يريد ضمانه.

فصل:
وإن قطع يد مسلم فارتد، ثم أسلم ومات، وزمن الردة مما لا تسري فيه الجناية، ففيه دية كاملة؛ لأنه زمن الردة لا أثر له، وإن كان مما تسري فيه الجناية، فكذلك على ظاهر كلامه؛ لأنه مسلم في حالة الجرح والموت. وقال القاضي: يحتمل وجوب دية كاملة اعتبارًا بحال استقرار الجناية، ويحتمل أن يجب نصفها؛ لأنه مات من جرح مضمون وسراية غير مضمونة، أشبه من مات من جرح نفسه وأجنبي.

فصل:
وإن قطع يد مرتد أو حربي فأسلم ومات لم يضمن؛ لأنه مات من سراية جرح مأذون فيه، فلم يضمن كالسارق، إذا سرى قطعه، ولو رمى حربيًا أو مرتدًا، فلم يقع به السهم حتى أسلم، فلا ضمان فيه؛ لأنه وجد السبب منه في حال هو مأمور بقتله، على وجه لا يمكن تلافيه، أشبه ما لو جرحه، ثم أسلم.
ويحتمل كلام الخرقي وجوب ديته؛ لأنه قال: لو رمى إلى كافر أو عبد، فلم يقع به السهم، حتى عتق وأسلم، فعليه دية حر مسلم؛ ولأن الاعتبار في الضمان بحال الجناية دون حال السبب، بدليل ما لو حفر بئرًا لحربي، فوقع فيها بعدما أسلم، ويحتمل التفريق بين الحربي والمرتد؛ لأن قتل الحربي مأمور به، وقتل المرتد إلى الإمام، وإن أرسل سهمه إلى مسلم، فأصابه بعد أن ارتد، لم يضمنه؛ لأن الجناية حصلت وهو غير مضمون، أشبه ما لو أرسله على حي، فأصابه بعد موته.

فصل:
وإذا اشترك الجماعة في القتل، فعليهم دية واحدة تقسم على عددهم؛ لأنه بدل متلف يتجزأ، فيقسم بين الجماعة على عددهم، كغرامة المال، وإن جرحه أحدهم جراحات، وسائرهم جرحًا واحدًا، فهم سواء لما تقدم، وإن كان القتل عمدًا، فالدية

الصفحة 4