كتاب الكافي في فقه الإمام أحمد (اسم الجزء: 4)

تعدى بالوقوف فيه، فأشبه واضع الحجر فيه، وإن تصادما عمدًا، وذلك مما يقتل غالبًا، فدماؤهما هدر؛ لأن ضمان كل واحد منهما يلزم الآخر في ذمته، فيتقاصان ويسقطان. وإن ركب صبيان، أو أركبهما وليهما فاصطدما، فهما كالبالغين.
وإن أركبهما من لا ولاية له عليهما، فعليه ضمان ما تلف منهما؛ لأنه تلف بسبب جنايته، وإن أركب الصبي من لا ولاية له، فصدمه كبير فقتله، فالضمان على الصادم؛ لأنه مباشر، فيقدم على المتسبب، وإن مات الكبير فقتله، فضمانه على الذي أركب الصبي؛ لأنه تلف بسبب جنايته، وإن اصطدمت امرأتان حاملان، فحكمهما في أنفسهما ما ذكرنا، وعلى كل واحد منهما نصف ضمان جنينها، ونصف ضمان جنين الأخرى؛ لأنهما اشتركا في قتلهما لجنايتهما عليهما، وإن تصادم عبدان فماتا، فهما هدر؛ لأن جناية كل واحد منهما تتعلق برقبته، فتفوت بفواته، فإن مات أحدهما فقيمته في رقبة الآخر، كسائر جناياته.

فصل:
وإن اصطدمت سفينتان فغرقتا، لتفريط من القيمين، مثل تقصيرهما في آلتهما، وتركهما ضبطهما مع إمكانه، أو تسييرهما إياهما في ريح شديدة لا تسير السفن في مثلها، ضمن كل واحد منها سفينة الآخر بما فيها، كالفارسين إذا اصطدما، فإن لم يفرطا، فلا ضمان عليهما؛ لأنه تلف حصل بأمر لا صنع لهما فيه، ولا تفريط منهما، أشبه التلف بصاعقة، وإن فرط أحدهما دون صاحبه، ضمن المفرط وحده. وإن فرطا جميعًا، وكان أحدهما منحدرًا، والآخر مصعدًا، فعلى المنحدر ضمان المصعد؛ لأن المنحدر كالسائر، والمصعد كالواقف، فيختص المنحدر بالضمان كالسائر. ومن غرق سفينة فيها ركبان بسبب يقتل مثله غالبًا عمدًا، فعليه القصاص، وإن كان خطأ، فعلى عاقلته دية الركبان. وإن كان عمدًا بسبب لا يقتل مثله غالبًا، فقتلهم شبه عمد.

فصل:
وإذا قال بعض ركبان السفينة لرجل: ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه، وجب عليه ضمانه؛ لأنه استدعى منه إتلاف ماله بعوض، لغرض صحيح، فأشبه ما لو قال: أعتق عبدك وعلي ثمنه، وإن قال: ألقه وضمانه علي، وعلى ركبان السفينة ففعل، فعليه بحصته من الضمان. إن كانوا عشرة فعليه العشر، ويسقط سائره؛ لأنه جعل الضمان على الجميع، فلم يجب عليه أكثر من حصته، وإن قال: ألق ونحن نضمنه لك، وعلي تحصيله لك لزمه؛ لأنه تكفل له بتحصيل عوضه، وكذلك إن قال: قد أذنوا لي في الضمان عنهم، فألقه ونحن ضمنا لك، ضمن جميعه؛ لأنه غره.

الصفحة 9