كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 4)

أَدِلَّةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْقَاضِيَةِ بِالْجَلْدِ
وأَيْضًا عَدَمُ الذِّكْرِ لَا يُعَارِضُ صَرَائِحَ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِالْإِثْبَاتِ وَعَدَمُ الْعِلْمِ لَيْسَ عِلْمًا بِالْعُدْمِ وَمَنْ عَلِمَ حجة على من لم يعلم انتهى
[1435] قَوْلُهُ (أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ) وَهِيَ الْغَامِدِيَّةُ (فَقَالَ أَحْسِنْ إِلَيْهَا) إِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ سَائِرَ قَرَابَتِهَا رُبَّمَا حَمَلَتْهُمْ الْغَيْرَةُ وَحَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَنْ يَفْعَلُوا بِهَا مَا يُؤْذِيهَا فَأَمَرَهُ بِالْإِحْسَانِ تَحْذِيرًا مِنْ ذَلِكَ (فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا) لِئَلَّا تَنْكَشِفَ عِنْدَ وُقُوعِ الرَّجْمِ عَلَيْهَا لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنَ الِاضْطِرَابِ عِنْدَ نُزُولِ الْمَوْتِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِمَا يَبْدُو مِنَ الْإِنْسَانِ
ولِهَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُرْجَمُ قَاعِدَةً وَالرَّجُلُ قَائِمًا لِمَا فِي ظُهُورِ عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ مِنَ الشَّنَاعَةِ (ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا) هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى الْغَامِدِيَّةِ
واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَاعِزٍ
فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي أَمْرِ مَاعِزٍ قَالَ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ
ورَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وفِي رِوَايَةٍ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فِي أَمْرِ مَاعِزٍ وَقَالَ لَهُ خَيْرًا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ
وقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي كَلَامِ الْحَافِظِ الْمُتَقَدِّم فِي بَابِ دَرْءِ الْحَدِّ عَنِ الْمُعْتَرِفِ إِذَا رَجَعَ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْجُومِ فَكَرِهَهَا مَالِكٌ وَأَحْمَدُ لِلْإِمَامِ وَلِأَهْلِ الْفَضْلِ دُونَ بَاقِي النَّاسِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَأَهْلُ الْفَضْلِ وَغَيْرُهُمْ
والْخِلَافُ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ إِنَّمَا هُوَ فِي الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّي
وبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ قَالُوا فَيُصَلِّي عَلَى الْفُسَّاقِ وَالْمَقْتُولِينَ فِي الْحُدُودِ وَالْمُحَارَبَةِ وَغَيْرِهِمْ
وقَالَ الزُّهْرِيُّ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَلَى الْمَرْجُومِ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ
وقَالَ قَتَادَةُ لَا يُصَلِّي على ولد الزنى
واحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي بِحَدِيثِ الْبَابِ وفِيهِ دَلَالَةٌ لِلشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ وَأَهْلَ الْفَضْلِ يُصَلُّونَ عَلَى الْمَرْجُومِ كَمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ
وأَجَابَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ ضَعَّفُوا رِوَايَةَ الصَّلَاةِ لِكَوْنِ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ لم يذكروها

الصفحة 588