كتاب الاختيار لتعليل المختار (اسم الجزء: 4)

«مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» [حَدِيثٌ شَرِيفٌ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ النَّفَقَةِ [نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ] وَتَجِبُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا إِذَا سَلَّمَتْ إِلَيْهِ نَفْسَهَا فِي مَنْزِلِهِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا وَسُكْنَاهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ النَّفَقَةِ] [نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ النَّفَقَةِ الْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6] ، ثُمَّ قَالَ: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ وَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ مِنْ وُجْدِكُمْ) وَقِرَاءَتُهُ كَرِوَايَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] ، وَقَالَ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] ، ثُمَّ قَالَ: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34] ، وَرَوَى أَبُو حَمْزَةَ الرَّقَاشِيُّ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: «كُنْتُ آخِذٌ بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِذْ وَدَّعَهُ النَّاسُ فَقَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِهِنْدٍ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ: «خُذِي مِنْ مَالِ زَوْجِكِ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» ، وَلَوْلَا وُجُوبُهَا عَلَيْهِ لَمَا أَمَرَهَا بِذَلِكَ.
وَسَبَبُ وُجُوبِهَا احْتِبَاسُهَا عِنْدَ الزَّوْجِ إِذَا كَانَ يَتَهَيَّأُ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ وَطْئًا أَوْ دَوَاعِيَهُ أَوِ التَّحْصِينَ لِمَائِهِ بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ لِأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ مَحْبُوسَةً عِنْدَهُ فِي حَقِّهِ عَجَزَتْ عَنِ الِاكْتِسَابِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهَا، فَلَوْ لَمْ تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ لَمَاتَتْ جُوعًا.
قَالَ: (وَتَجِبُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا إِذَا سَلَّمَتْ إِلَيْهِ نَفْسَهَا فِي مَنْزِلِهِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا وَسُكْنَاهَا)

الصفحة 3