كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

أَي إِضَافَة أبي حنيفَة عدم الْخمس وَمُحَمّد عدم الضَّمَان. وَلَا يخفى مَا فِيهِ، فَالْأولى أَن يُقَال: أَي إِضَافَة الْحكمَيْنِ الْمَذْكُورين فِي كَلَامهمَا، وَقَوله: اضافتهما بِالنّصب عطفا على اسْم إِن واضافتهما لَيست حَقِيقِيَّة بل بِحَسب اللَّفْظ على مَا مر، أَو نقُول تَقْدِير الْكَلَام وَحَقِيقَة إضافتهما (إِنَّمَا هُوَ عدم الحكم لعدم الدَّلِيل) على سَبِيل التَّوَسُّع فِي الْكَلَام (وَلَيْسَ) مَا علل بِهِ من عدم الدَّلِيل (مَا نَحن فِيهِ من الْعلَّة) بِمَعْنى الْبَاعِث وَهُوَ ظَاهر (قَالُوا) أَي الْأَكْثَرُونَ (علل الضَّرْب بِعَدَمِ الِامْتِثَال) وَهُوَ عدمي (وَالضَّرْب ثبوتي أُجِيب بِأَنَّهُ) أَي التَّعْلِيل (بالكف) أَي كف العَبْد نَفسه عَن الِامْتِثَال وَهُوَ ثبوتي (قَالُوا) أَي الْأَكْثَرُونَ أَيْضا (معرفَة المعجز) أَي كَون المعجز معجزا أَمر (ثبوتي مُعَلل بالتحدي) بالمعجزة (مَعَ انْتِفَاء الْمعَارض) أَي الَّذِي يَأْتِي بِمِثْلِهَا (وَهُوَ) أَي انْتِفَاء الْمعَارض (جُزْء الْعلَّة) لِأَنَّهَا الْإِتْيَان بخارق الْعَادة وَطلب الْإِتْيَان بِمثلِهِ عِنْد دَعْوَى النُّبُوَّة مَعَ انْتِفَاء الْمعَارض، والانتفاء عدم، وَمَا جزؤه عدم فَهُوَ عدم و (كَذَا معرفَة كَون الْمدَار) وَهُوَ مَا أدير عَلَيْهِ الحكم وجودا أَو عدما (عِلّة) للدائر وَهُوَ الحكم (بالدوران) وَكَونه علته وجودي (وجزؤه) أَي الدوران (عدم) وَهُوَ مركب من الطَّرْد، وَالْعَكْس عدمي إِذْ هُوَ عبارَة عَن الْوُجُود مَعَ الْوُجُود والعدم مَعَ الْعَدَم (أُجِيب بِكَوْنِهِ) أَي الْعَدَم (فيهمَا) فِي العلتين (شرطا) خَارِجا عَن حقيقتهما لَا جُزْءا حَتَّى يلْزم عدم العلتين (وَلَو سلم كَون التحدي لَا يسْتَقلّ) عِلّة لمعْرِفَة الْعَجز بل يحْتَاج إِلَى شَيْء آخر مَعَه فِي الْعلية (فمعرف) أَي فَهُوَ معرف للمعجزة (وَالْكَلَام فِي الْعلَّة بِمَعْنى الْمُشْتَمل على مَا ذكرنَا) من الْمُنَاسبَة الباعثة على الحكم، لَا بِمَعْنى الْمُعَرّف. قَالَ القَاضِي عضد الدّين فِي الْجَواب: لَا يخفى أَن نفس التحدي لَا يسْتَقلّ بتعريف المعجز يَعْنِي أَن قَوْلهم مُعَلل بالتحدي يدل على استقلاله بتعريف المعجز وَهُوَ غير صَحِيح، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَو اسْتَقل تحصل الْمعرفَة لكل من حَضَره: وَالْمُصَنّف يُشِير إِلَى أَن عدم استقلاله مَمْنُوع فَإِنَّهُ إِذا تَأمل فِيهِ حق التَّأَمُّل حصل الْعلم بِأَن مَا يتحدى بِهِ معجز، وَلَو سلم فَلَا يحْتَاج فِي ردهم عدم الِاسْتِقْلَال، لأَنا نقُول لَيْسَ من بَاب الْعلَّة الَّتِي كلامنا فِيهِ. (وَمِنْهَا) أَي من شُرُوط صِحَة الْعلَّة (على مَا) عزى (لجمع من الْحَنَفِيَّة) الْكَرْخِي من الْمُتَقَدِّمين وَأبي زيد من الْمُتَأَخِّرين، وَحكى عَن مَشَايِخ الْعرَاق وَأكْثر الْمُتَأَخِّرين وَبَعض الشَّافِعِيَّة وَهُوَ (أَن لَا تكون) الْعلَّة (قَاصِرَة) على الأَصْل مستنبطة، وَذهب جُمْهُور الْفُقَهَاء مِنْهُم مَشَايِخنَا السمرقنديون وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَغَيرهم إِلَى صِحَة التَّعْلِيل بهَا، وَاخْتَارَهُ صَاحب الْمِيزَان وَالْمُصَنّف فَقَالَ: (لنا) فِي صِحَة التَّعْلِيل بهَا (ظن كَون الحكم لأَجلهَا) أَي القاصرة (لَا ينْدَفع) عَن النَّاظر فِي حكم الأَصْل (وَهُوَ) أَي هَذَا الظَّن (التَّعْلِيل) والمجتهد يجب عَلَيْهِ اتِّبَاع ظَنّه (والاتفاق على) صِحَة الْعلَّة القاصرة (المنصوصة)

الصفحة 5