كتاب الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (اسم الجزء: 4)

(وعن ابن مسعود) رضي الله عنه أنه قال: (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل) سمي محللاً لقصده الحل في موضع لا يحصل فيه الحل (والمحلل له) أي ولعن المحلل له (رواه الخمسة وصححه الترمذي) وابن القطان وابن دقيق وغيرهم.
وقال الترمذي العمل عليه عند أهل العلم منهم عمر وعثمان وابن عمر، هو قول الفقهاء من التابعين، ولابن ماجه والحاكم من حديث عقبة: "ألا أخبركم بالتيس المستعار" قالوا بلى يا رسول الله قال: "هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له" وعن علي نحوه.
وهذه الأحاديث دالة على تحريم التحليل، لأنه لا يكون اللعن إلا على فاعل محرم، وكل محرم منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد، فإن تزوجها بشرط أنه متى حللها للأول طلقها بطل النكاح في قول عامة أهل العلم.
سواء قال زوجتكها إلى أن تطأها، أو أنه إذا أحلها فلا نكاح بينهما، وكذا إن نوى التحليل بلا شرط، وحكي عن طائفة من الصحابة، ولا مخالف لهم، ولأنه قصد التحليل فلم يصح النكاح كما لو شرطه، قال الشيخ لا يصح نكاح المحلل ونية ذلك كشرطه، وكذا إن اتفقا عليه قبل العقد ولم يرجع عن نيته بطل النكاح ولو لم يذكر في العقد لم يصح العقد.
وقال أجمعوا على تحريم نكاح المحلل، واتفق أئمة الفتوى على أنه إذا شرط التحليل في العقد كان باطلاً والصحابة والتابعون وأئمة الفتوى لا فرق عندهم بين الشرط المتقدم

الصفحة 12