كتاب الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (اسم الجزء: 4)

حديث ابن عباس أنه كان عبدًا، وروي أنه كان حرًا، وقال الحافظ وغيره رواية كونه عبدًا أثبت وأكثر، ولأبي داود أن زوج بريرة كان عبدًا أسود يسمى مغيثًا فخيرها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمرها أن تعتد.
وفي الصحيح ذاك مغيث عبد بني فلان، وللترمذي لبني مغيرة، ولأبي داود عبد لبني أحمد، وفيها: "إن قربك فلا خيار لك" فدل الحديث على ثبوت الخيار للمعتقة بعد عتقها في زوجها إذا كان عبدًا وهو إجماع.
وإن كان حرًا فالجمهور على أنه لا يثبت لها خيار، لأن العلة في ثبوت الخيار إذا كان عبدًا هو عدم المكافأة من العبد للحرة في كثير من الأحكام. وقال ابن القيم عقد عليها السيد بحكم الملك حيث كان مالكًا لرقبتها، ومنافعها، والعتق يقتضي تمليك الرقبة والمنافع للمعتق، وهذا مقصود العتق وحكمته، فإذا ملكت رقبتها ملكت بضعها ومنافعها، ومن جملتها منافع البضع، فلا تملك عليها إلا باختيارها، فخيرها الشارع بين الأمرين من البقاء تحت الزوج. أو الفسخ منه.
وفي بعض طرق حديثها " ملكت نفسك فاختاري" وهذا إشارة إلى علة التخيير، فيقتضي ثبوت الخيار، وإن كانت تحت حر، وهذا مذهب أصحاب الرأي، واختاره شيخ الإسلام لهذا الخبر، ولأنها ملكت رقبتها وبضعها فلا يملك ذلك عليها إلا باختيارها.
فتقول فسخت نكاحي، واخترت نفسي ولو متراخيًا

الصفحة 17