كتاب الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (اسم الجزء: 4)

وكمال السرور بالدخول اهـ ولو هنا ليست الامتناعية وإنما هي للتقليل.
وفي الحديث دليل على أن الشاة أقل مجزئ في الوليمة عن الموسر، ولولا ثبوت أنه - صلى الله عليه وسلم - أو لم على بعض نسائه بأقل من الشاة لكان يمكن أن يستدل به على أن الشاة أقل ما يجزئ في الوليمة مطلقًا، وأجمعوا على أنه لا حد لأكثر ما يولم به، وأقله مهما تيسر أجزأ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أولم على صفية بمد من شعير، والمستحب أنها على قدر حال الزوج، وإن نكح اثنتين فأكثر في عقد أو عقود في وقت متقارب أجزأت وليمة واحدة إن نواها للكل.
{وأولم - صلى الله عليه وسلم - على زينب} بنت جحش الأسدية أم المؤمنين رضي الله عنها تزوجها - صلى الله عليه وسلم - سنة ثلاث من الهجرة وفيها نزلت (فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها) وماتت سنة عشرين وهي ابنة خمسين أولم عليها (بشاة) فدل الحديث أيضًا على سنة الوليمة بشاة ولا نزاع في ذلك (متفق عليهما) أي على حديث أنس المتقدم وعلى هذا أيضًا وهو حديث أنس.
ولفظه "ما أولم النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء من نسائه ما أولم على زينب أولم بشاة" وقيل إنه محمول على ما انتهى إليه علم أنس رضي الله عنه، أو لما وقع من البركة في وليمتها، حيث أشبع المسلمين خبزًا ولحمًا من الشاة الواحدة وإلا فإنه - صلى الله عليه وسلم - أولم على ميمونة بنت الحارث في عمرة القضية بمكة، وطلب من أهل مكة أن يحضروا وليمتها.

الصفحة 55