كتاب الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (اسم الجزء: 4)

يعتبر إلا مع عدم السبق، فدل الحديث على أنه إذا اجتمع داعيان فالأحق بالإجابة الأسبق، فإن استويا قدم الجار، والجار على مراتب فأحقهم أقربهم بابًا، فإن استويا أقرع بينهما، وقيل إن كان أحدهما رحمًا، أو من أهل العلم، أو الورع، قدم لمرجح الإجابة.
(وعن أنس) رضي الله عنه (قال تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم -) قال أنس فدخل بأهله فصنعت أم سليم حيسًا فجعلته في تنور فقالت: يا أنس اذهب به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذهبت به فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ضعه» (وقال ادع فلانًا وفلانًا ومن لقيت) وكذا من شئت (متفق عليه) فدل على جواز الدعوة إلى الطعام على الصفة التي أمره بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من دون تعيين المدعو. وتسمى هذه الدعوة الجفلى والخاصة والنقري، قال طرفة:
نحن في المشتات ندعوا الجفلى لا ترى الأدب فينا ينتقر
أي يخصص فتباح لهذا الخبر:
وعن أبي سعيد مرفوعًا "طعام أول يوم حق" فقيل واجب وتقدم أن الجمهور على الندب "وطعام اليوم الثاني سنة" ولأبي داود "معروف وطعام اليوم الثالث سمعة. ومن سمع سمع الله به" رواه الترمذي وغيره، أي فلا ينبغي فعله، ولا الإجابة إليه، وقال الشيخ يحرم الأكل والذبح الزائد على المعتاد في بقية الأيام، ولو العادة فعله، أو لتفريح أهله، ويعذر إن عاد.

الصفحة 61