كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 4)

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَكَا الْقِيَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ، وَكَانَ كِلابٌ نَجَّارًا مُجِيدًا، فَأَمَرَهُ فَعَمِلَ لَهُ مِنْبَرَهُ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ دَرَجَتَيْنِ وَمِقْعَدًا [1] وَذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ.
وَحَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُمَيَّةَ (533) بْنُ يَعْلَى عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ قَالَ [2] : لَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ ضَاقَ بِهِمُ الْمَسْجِدُ، فَاشْتَرَى عُمَرُ مَا حَوْلَهُ مِنَ الدُّورِ إِلا دَارَ الْعَبَّاسِ وَحُجَرَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنيِنَ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: يَا أَبَا الْفَضْلِ إِنَّ الْمَسْجِدَ قَدْ ضَاقَ وَقَدِ ابْتَعْتُ مَا حَوْلَهُ مِنَ الْمَنَازِلِ لأُوَسِّعَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَسْجِدَهُمْ إِلا دَارَكَ وَحُجَرَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنيِنَ، فَأَمَّا حُجَرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنيِنَ فَلا سَبِيلَ إِلَيْهَا، وَأَمَّا دَارُكَ فَإِمَّا أَنْ تَبِيعَنِيهَا بِمَا شِئْتَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِمَّا أَنْ أَخُطَّكَ خُطَّةً حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَبْنِيَهَا لَكَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِمَّا أَنْ تَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَتُوَسِّعَ بِهَا مَسْجِدَهُمْ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لا وَلا وَاحِدَةَ مِنْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ أَعْلَمُ، اذْهَبْ فَلَنْ أَعْرِضَ لَكَ فِي دَارِكَ، قَالَ الْعَبَّاسُ:
أَمَا إِذَا قُلْتَ هَذَا فَإِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَخَطَّ لَهُ عُمَرُ دَارَهُ الَّتِي هِيَ لَهُ الْيَوْمَ وَبَنَاهَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.
وَحَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أُسَامَةَ بن محمد بن أسامة ابن زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيِّ [3] قَالَ: [أُهْدِيَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَبِيبًا وَتِينًا مِنَ الشَّامِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْ عَلَيَّ أَحَبَّ أَهْلِي إِلَيْكَ، فَدَخَلَ العباس فقال: ها هنا يَا عَمُّ، دُونَكَ فَكُلْ] .
حَدَّثَنِي [4] عَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا صَارَ أَمْرُ السِّقَايَةِ وَالرِّفَادَةِ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ اقْتَرَعُوا فَخَرَجَ سَهْمُ هَاشِمٍ فَوَلِيَ ذَلِكَ وَقَامَ بِهِ، فَلَمَّا مَاتَ هَاشِمٌ بِغَزَّةَ قَامَ بِأَمْرِ السِّقَايَةِ وَالرِّفَادَةِ بَعْدَهُ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ أَخُوهُ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ المطلب قام بذلك عبد المطلب ابن هَاشِمٍ ثُمَّ ابْنُهُ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ثُمَّ أَبُو طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ أَمْعَرَ وَاخْتَلَّتْ حَالُهُ فَعَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ بِأَمْرِ السِّقَايَةِ
__________
[1] م: مقعدة.
[2] اورد ابن سعد هذه الرواية بصورة اوفى، ج 4، ق 1، ص 13- 14.
[3] ترد الرواية في ابن عساكر- تهذيب ج 7، ص 239.
[4] م: وحدثني. وانظر رواية ابن سلام في تاريخ ابن عساكر (المخطوط) ج 7، ص 455 أ.

الصفحة 15