كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 4)
بِذَلِكَ عَلَيْهِم، وَأَطْعَمَ مَعَ الْمُطْعِمِينَ تَجَلُّدًا، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيمَا دَخَلُوا فِيهِ لِئَلا يُقَالَ إِنَّهُ مُسْلِمٌ فَيُصِيبُوهُ بِشَرٍّ. وَقَالَتْ عَاتِكَةُ بَعْدَ بَدْرٍ:
أَلَمْ تَكُنِ الرُّؤْيَا بِحَقٍّ أَتَاكُمُ ... بِتَأْوِيلِهَا فَلٌّ مِنَ الْقَوْمِ هَارِبُ
أَتَى فَأَتَاكُمْ بِالْيَقِينِ الَّذِي رَأَى ... بِعَيْنَيْهِ مَا تَفْرِي السُّيُوفُ الْقَوَاضِبُ
فَقُلْتُمْ، وَلَمْ أَكْذِبْ، كَذَبْتِ وَإِنَّمَا ... يُكَذِّبُنِي بِالصِّدْقِ مَنْ هُوَ كَاذِبُ
وَسَمِعْتُ أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لأَبِي جَهْلٍ، حِينَ قَالَ [1] لَنَكْتُبَنَّ عَلَيْكُمْ كِتَابًا أَنَّكُمْ أَكْذَبُ الْعَرَبِ: يَا مُصَفِّرَ اسْتِهِ، أَنْتَ أَوْلَى مِنَّا بِالْكَذِبِ. وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ قُرَيْشٍ شِعْرًا ذَكَرَ أَنَّهُ قَالَهُ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَيُقَالُ غَيْرُهُ:
يَا قَوْمُ كَيْفَ رَأَيْتُمْ ... تَأْوِيلَ رُؤْيَا عَاتِكَهْ
قُلْتُمْ لَهَا يَا آفِكَهْ ... جَهْلا وَمَا هِيَ آفِكَهْ
حَتَّى بَدَا تَأْوِيلُهَا ... بِكدَاءَ [2] غَيْرَ مُتَارِكَهْ
خَصت وَعَمَّتْ مَعْشَرًا ... أَرْحَامُهُمْ [3] مُتَشَابِكَهْ
هَلَكُوا بِبَدْرٍ كُلُّهُمْ ... فَابْكُوا النُّفُوسَ الْهَالِكَهْ
قَالُوا: وَلَمَّا كَانَتْ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ، وَقَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةُ، زوّجه عمّه الْعَبَّاسُ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ أُخْتُ امْرَأَتِهِ أُمِّ الْفَضْلِ لُبَابَةَ [4] بِنْتِ الْحَارِثِ.
حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ الهيثم، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ: خَرَجَ الْعَبَّاسُ مِنْ مَكَّةَ مُجَاهِرًا بِإِسْلامِهِ فَلَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الحُليفة وَهُوَ يُريدُ مَكَّةَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُمْضِيَ ثِقَلَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَيَكُونَ هُوَ مَعَهُ [وقَالَ: هِجْرَتُكَ يَا عَمُّ آخِرُ هِجْرَةٍ كما ان نبوّتي آخر نبوة [5]] .
__________
[1] زاد في م: له.
[2] ط: بكذا، م: فكراء. انظر ياقوت- بلدان (ن. وستنفلد) ج 4، ص 241، وابن هشام ج 4 ص 37.
[3] د: انسابهم.
[4] م: لبانة. انظر جمهرة انساب العرب ص 274.
[5] انظر ابن عساكر- تهذيب ج 7، ص 232.
الصفحة 20