كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)
{أُوتِيَ مُوسَى من قبل قَالُوا سحران تظاهرا وَقَالُوا إِنَّا بِكُل كافرون (48) قل فَأتوا بِكِتَاب من عِنْد الله هُوَ أهْدى مِنْهُمَا أتبعه إِن كُنْتُم صَادِقين (49) فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لَك}
وَقَوله: {قَالُوا} يَعْنِي: قَالَ الْمُشْركُونَ {لَوْلَا أُوتِيَ} أَي: هلا أُوتِيَ {مثل مَا أُوتِيَ مُوسَى} أَي: من الْعَصَا، وَالْيَد الْبَيْضَاء.
وَقَوله: {أَو لم يكفروا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى من قبل} يَعْنِي: أَن الْمُشْركين كفرُوا بمُوسَى.
وَقَوله: {قَالُوا ساحران تظاهرا} يَعْنِي: مُوسَى ومحمدا، وَقَالَ مُجَاهِد: مُوسَى وَهَارُون. وَقُرِئَ: " سحران تظاهرا " وَاخْتلف القَوْل فِي لسحرين، أحد الْقَوْلَيْنِ: أَنَّهُمَا التَّوْرَاة وَالْقُرْآن، وَالْآخر: التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل.
وَقَوله: {تظاهرا} أَي: تعاونا، وَهَذَا فِي الساحرين حَقِيقَة، وَفِي السحرين على طَرِيق التَّوَسُّع، وَقَوله: {قَالُوا إِنَّا بِكُل كافرون} أَي: جاحدون.
وَقَوله تَعَالَى: {قل فَأتوا بِكِتَاب من عِنْد الله هُوَ أهْدى مِنْهُمَا} يَعْنِي: من التَّوْرَاة وَالْقُرْآن.
وَقَوله: {أتبعه} يَعْنِي: اتبع (الْكتاب) الَّذِي جئْتُمْ بِهِ من عِنْد الله.
وَقَوله: {إِن كُنْتُم صَادِقين} مَعْنَاهُ: أَن الْحق مَعكُمْ.
قَوْله تَعَالَى: {فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لَك} أَي: لم يَأْتُوا بِمَا طلبت، وَقَوله: {فَاعْلَم أَنما يتبعُون أهواءهم} وَاتفقَ أهل الْمعرفَة أَن الْهوى مرد مهلك.
وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِن أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم شحا مُطَاعًا، وَهوى مُتبعا، وَإِعْجَاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ ".
الصفحة 145