كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

{وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ يَقُول يَا لَيْتَني اتَّخذت مَعَ الرَّسُول سيبلا (27) يَا ويلتى لَيْتَني لم أَتَّخِذ فلَانا خَلِيلًا (28) لقد أضلني عَن الذّكر بعد إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَان للْإنْسَان خذولاً أُميَّة: أَصَبَوْت يَا عقبَة؟ وَجْهي من وَجهك حرَام إِن لم ترجع، فَقَالَ: إِنَّمَا قلت مَا قلت ليَأْكُل من طَعَامي، وَأَنا على ديني الأول. وروى أَنه قَالَ: لَا أُكَلِّمك أبدا حَتَّى تَجِيء فتتفل فِي وَجه مُحَمَّد، فجَاء فَفعل، وروى أَن التفلة رجعت إِلَى وَجهه - لعنة - الله ? (وَفِي رِوَايَة قَالَ: " لَو كنت خَارج الْحرم لضَرَبْت عُنُقك " فَضَحِك الْكَافِر، وَأسر يَوْم بدر} أورد النقاش ذَلِك، فَفِيهِ نزلت هَذِه الْآيَة.
وَقَوله: {يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} أَي: يَأْكُل يَدَيْهِ ندما، وَفِي بعض التفاسير: أَنه يَأْكُل يَدَيْهِ حَتَّى يبلغ مرفقيه، ثمَّ تنْبت ثمَّ يَأْكُل، ثمَّ تنْبت هَكَذَا.
فَقَوله: {يَا لَيْتَني اتَّخذت مَعَ الرَّسُول سَبِيلا} أَي: أخذت طَرِيقه.
وَقَوله: {يَا ويلتي لَيْتَني لم أَتَّخِذ فلَانا خَلِيلًا} . أَي: أُميَّة بن خلف، وَقيل: الشَّيْطَان، وَالْأول هُوَ الْمَعْرُوف.
قَول تَعَالَى: {لقد أضلني عَن الذّكر بعد إِذْ جَاءَنِي} أَي: عَن الْهدى بعد إِذْ جَاءَنِي، وَقيل: عَن الْقُرْآن.
وَقَوله: {وَكَانَ الشَّيْطَان للْإنْسَان خذولا} أَي: تَارِكًا، وَمن الْمَعْرُوف فِي الْمَغَازِي أَن عقبَة بن أبي معيط أسر يَوْم بدر، فَقتله النَّبِي صبرا، فَقَالَ: أأقتل من بَين هَؤُلَاءِ يَا مُحَمَّد؟ قَالَ: نعم، قَالَ: من للصبية؟ قَالَ: النَّار ". وَاخْتلفُوا فِي قَاتله، فَقَالَ بَعضهم: تولى قَتله عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - وَقَالَ بَعضهم: عَاصِم بن أبي الْأَفْلَح حمى الدبر، وَلم يقتل من الأسراء يَوْم بدر غير عقبَة وَالنضْر بن الْحَارِث.

الصفحة 17