كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

( {29) وَقَالَ الرَّسُول يَا رب إِن قومِي اتَّخذُوا هَذَا الْقُرْآن مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوا من الْمُجْرمين وَكفى بِرَبِّك هاديا ونصيرا (31) وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَوْلَا نزل عَلَيْهِ
قَول تَعَالَى: {وَقَالَ الرَّسُول يَا رب إِن قومِي اتَّخذُوا هَذَا الْقُرْآن مَهْجُورًا} أَي: متروكا، وَيُقَال: جَعَلُوهُ بِمَنْزِلَة الهجر أَي: الهذيان.
قَوْله تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جعلنَا} هَذِه الْآيَة أنزلت تَعْزِيَة للنَّبِي وَتَسْمِيَة لَهُ.
وَقَوله: {لكل نَبِي عدوا من الْمُجْرمين} أَي: أَعدَاء من الْمُجْرمين، وَعَن ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة: أَنه أَبُو جهل خَاصَّة، وَهُوَ أَبُو الحكم عَمْرو بن هِشَام بن الْمُغيرَة عَلَيْهِ لعنة الله.
وَقَوله: {وَكفى بِرَبِّك هاديا ونصيرا} ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة} أَي: كَمَا أنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل على مُوسَى وَعِيسَى.
وَقَوله: {كَذَلِك لنثبت بِهِ فُؤَادك} أَي: أَنزَلْنَاهُ مفرقا كَالَّذي أنزلنَا لنثبت بِهِ فُؤَادك أَي: لنقوي بِهِ فُؤَادك، وَقيل: لتزداد بَصِيرَة فِي فُؤَادك، كَأَنَّهُ كلما نزل جِبْرِيل بِالْوَحْي ازْدَادَ هُوَ بَصِيرَة وَقُوَّة، وَقد أنزل الله تَعَالَى الْقُرْآن فِي ثَلَاث وَعشْرين سنة، فحين أكمل الله تَعَالَى مَا أَرَادَ إنزاله عَلَيْهِ من الْوَحْي أَدْرَكته الْوَفَاة.
وَقَوله: {ورتلناه ترتيلا} . أَي: فصلناه تَفْصِيلًا، وَقيل: بَيناهُ تبيينا.
والقرآءة على الترتيل سنة، وَيكرهُ أَن يقْرَأ كحدو الشّعْر ونثر الدقل.
قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يأتونك بِمثل} أَي: بِمَعْنى يدْفَعُونَ مَا أَنْت عَلَيْهِ بعثناك بِهِ، إِلَّا جئْنَاك بِالْحَقِّ أَي: جئْنَاك بِمَا يَدْفَعهُ ويبطله، فَسمى مَا يوردون من الشّبَه مثلا، وَسمي مَا يدْفع الشّبَه حَقًا أعطَاهُ إِيَّاه.
وَقَوله: {وَأحسن تَفْسِيرا} التَّفْسِير تفعيل من الفسر، والفسر: كشف مَا قد غطى.

الصفحة 18