كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

{وأضل سَبِيلا (34) وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب وَجَعَلنَا مَعَه أَخَاهُ هَارُون وزيرا (35) فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْم الَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا فدمرناهم تدميرا (36) وَقوم نوح لما كذبُوا الرُّسُل أغرقناهم وجعلناهم للنَّاس آيَة وأعتدنا للظالمين عذَابا أَلِيمًا (37) وعادا وَثَمُود وَأَصْحَاب الرس وقرونا
قَوْله تَعَالَى: {وَقوم نوح لما كذبُوا الرُّسُل} أَي: الرَّسُول، جمع بِمَعْنى الْوَاحِد، وَيُقَال: من كذب رَسُولا وَاحِدًا فقد كذب جَمِيع الرُّسُل؛ فَلهَذَا قَالَ: {كذبُوا الرُّسُل} .
وَقَوله: {أغرقناهم وجعلناهم للنَّاس آيَة} . نزل المَاء من السَّمَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ونبع من الأَرْض أَرْبَعِينَ يَوْمًا، حَتَّى صَارَت الدُّنْيَا كلهَا بحرا.
وَقَوله: (وأعتدنا للظالمين عذَابا أَلِيمًا) أَي: مؤلما.
قَوْله تَعَالَى: {وعاداً وَثَمُود} أى: وأهلكنا عاداً وَثَمُود.
وَقَوله: {وَأَصْحَاب الرس} . الْأَكْثَرُونَ على أَن الرس بِئْر، فروى أَنه لما جَاءَهُم نَبِيّهم جَعَلُوهُ فِي الْبِئْر، وألقوا عَلَيْهِ مَا أهلكه.
وَقَالَ الْكَلْبِيّ: بعث الله إِلَيْهِم نَبيا فطبخوه وأكلوه.
وَعَن ابْن عَبَّاس فِي بعض الرِّوَايَات: أَن أَصْحَاب الرس هم قوم حبيب النجار، ألقوه فِي الْبِئْر حَتَّى هلك، وَهُوَ بأنطاكية.
وَقَوله: {وقرونا بَين ذَلِك كثيرا} قد بَينا معنى الْقُرُون من قبل، وروى عَن الرّبيع ابْن خثيم أَنه مرض، فَقيل لَهُ: أَلا ندعوا لَك طَبِيبا؟ فَقَالَ: أنظروني، ثمَّ تفكر فِي نَفسه، ثمَّ قَالَ: قَالَ الله تَعَالَى: {وعادا وَثَمُود وَأَصْحَاب الرس وقرونا بَين ذَلِك كثيرا} قد كَانَ فيهم مرضى وأطباء، فَمَا بقى المداوي وَلَا المداوي، وَلَا الْمَرِيض وَلَا الطَّبِيب، وَلَا أُرِيد أَن تدعوا لي طَبِيبا.
قَوْله تَعَالَى: {وكلا ضربنا لَهُ الْأَمْثَال} أَي: الْأَشْبَاه.
{وكلا تبرنا تتبيرا} أَي: دمرنا تدميرا، وَقيل: أهلكنا إهلاكا.
قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد أَتَوا على الْقرْيَة الَّتِي أمْطرت مطر السوء} يُقَال: هَؤُلَاءِ قريات

الصفحة 20