كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

{بَين ذَلِك كثيرا (38) وكلا ضربنا لَهُ الْأَمْثَال وكلا تبرنا تتبيرا (39) وَلَقَد أَتَوا على الْقرْيَة الَّتِي أمْطرت مطر السوء أفلم يَكُونُوا يرونها بل كَانُوا لَا يرجون نشورا (40) وَإِذا رأوك إِن يتخذونك إِلَّا هزوا أَهَذا الَّذِي بعث الله رَسُولا (41) إِن كَاد ليضلنا عَن آلِهَتنَا لَوْلَا أَن صَبرنَا عَلَيْهَا وسوف يعلمُونَ حِين يرَوْنَ الْعَذَاب من أضلّ سَبِيلا (42) أَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ أفأنت تكون عَلَيْهِ وَكيلا (43) } لوط، وَيُقَال: كَانَ الْحجر ينزل على قدر قامة الْإِنْسَان فَيَقَع عَلَيْهِ، فيدمغه ويهلكه.
وَقَوله: {أفلم يَكُونُوا يرونها} ذكر هَذَا لِأَن مَدَائِن لوط كَانَت على طريقهم عِنْد ممرهم إِلَى الشَّام ورجوعهم مِنْهَا.
وَقَوله: {بل كَانُوا لَا يرجون نشورا} أَي: لَا يخَافُونَ نشورا، وَيُقَال: يرجون على حَقِيقَته أَي: لَا يرجون الْمصير إِلَى الله تَعَالَى.
{وَإِذا رأوك إِن يتخذونك} أَي: مَا يتخذونك) {إِلَّا هزوا} .
وَقَوله: {أَهَذا الَّذِي بعث الله رَسُولا} قَالُوا هَذَا على طَرِيق الِاسْتِهْزَاء.
قَوْله: {إِن كَاد ليضلنا عَن آلِهَتنَا} أَي: قد قَارب أَن يضلنا عَن آلِهَتنَا.
قَالَ الشَّاعِر:
(هَمَمْت وَلم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عُثْمَان تبْكي حلائله)
وَقَوله: {لَوْلَا أَن صَبرنَا عَلَيْهَا} أَي: لَو لم نصبر عَلَيْهَا لأضلنا عَنْهَا.
وَقَوله: {فَسَوف يعلمُونَ حِين يرَوْنَ الْعَذَاب من أضلّ سَبِيلا} أَي: أَخطَأ سَبِيلا.
قَالَه تَعَالَى: {أَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} قَالَ أهل التَّفْسِير: كَانَ من اتخاذهم أهواءهم آلِهَتهم أَن الْوَاحِد مِنْهُم كَانَ يعبد الْحجر، فَإِذا رأى حجرا أحسن مِنْهُ طرح الأول، وَأخذ الثَّانِي وَعَبده.
وَقَوله: {أفأنت تكون عَلَيْهِ وَكيلا} . أَي: حَافِظًا، وَقيل: كَفِيلا.
وَفِي بعض الْآثَار: مَا من معبود فِي السَّمَاء وَالْأَرْض أعظم من الْهوى، وَعَن بَعضهم قَالَ: هُوَ الطاغوت الْأَكْبَر.

الصفحة 21