كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

{خَالِدين فِيهَا حسنت مُسْتَقرًّا ومقاما (76) قل مَا يعبأ بكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم فقد كَذبْتُمْ فَسَوف يكون إلزاما (77)
وَقَوله: {وَسلَامًا} أى: يسلم بَعضهم على بعض، وَقَالَ عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: يسلم الله عَلَيْهِم. وَقيل: سَلامَة من الْآفَات.
قَوْله تَعَالَى: {خَالِدين فِيهَا حسنت مُسْتَقرًّا ومقاما} أَي: مَكَانا يستقرون فِيهِ.
وَقَوله: {ومقاما} أَي: يُقِيمُونَ إِقَامَة.
قَوْله تَعَالَى: {قل مَا يعبأ بكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم} أحسن الْأَقَاوِيل فِيهِ أَن مَعْنَاهُ: مَا يصنع بكم رَبِّي لَوْلَا دعائكم أَي: لَوْلَا دعاؤه إيَّاكُمْ إِلَى التَّوْحِيد، وَهِي فِي معنى قَوْله تَعَالَى: {مَا يفعل الله بعذابكم إِن شكرتم وآمنتم} . قَالَ القتيبي مَعْنَاهُ: مَا يعبأ بعذابكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم أَي: لَوْلَا إيمَانكُمْ، يَعْنِي: إِذا آمنتم لَا يعذبكم. وَقَالَ بَعضهم: أَي قدر لكم عِنْد رَبِّي لَوْلَا أَنه دعَاكُمْ إِلَى الْإِيمَان فتؤمنون، فَالْآن يظْهر لكم قدر وخطر.
وَقَوله: {فقد كَذبْتُمْ} قَرَأَ ابْن عَبَّاس: " فقد كذب الْكَافِرُونَ "، وَأما الْمَعْرُوف: {فقد كَذبْتُمْ} أَي: كَذبْتُمْ أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَمَعْنَاهُ: قد دعوتكم إِلَى الْإِيمَان فَلم تؤمنوا.
وَقَوله: {فَسَوف يكون إلزاما} وَعِيد مَعْنَاهُ: سَوف يكون الْعَذَاب لزاما. قَالَ ابْن مَسْعُود: معنى اللزام وَهُوَ يَوْم بدر. وَقَالَ بَعضهم: اللزام: الْمَوْت.
قَالَ الشَّاعِر:
(تولى عِنْد حاجتنا أنيس ... وَلم اجزع من الْمَوْت اللزام)
وَقُرِئَ فِي الشاذ " " لزاما " بِفَتْح اللَّام، وَهُوَ فِي معنى الأول.

الصفحة 37