كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

{إِنَّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدَّار (46) وَإِنَّهُم عندنَا لمن المصطفين الأخيار (47) وَاذْكُر إِسْمَاعِيل وَالْيَسع وَذَا الكفل وكل من الأخيار (48) هَذَا ذكر وَإِن لِلْمُتقين} فِي الْمعرفَة، وَقيل: أولي الْقُوَّة ظَاهرا، وأولي الْأَبْصَار بَاطِنا، فالقوة قُوَّة الْجَوَارِح، والأبصار أبصار الْقُلُوب، قَالَ الله تَعَالَى {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار وَلَكِن تعمى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور} .
قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أخلصناكم بخالصة ذكرى الدَّار} وَقُرِئَ: " بخالصة " من غير تَنْوِين، فَأَما بِالتَّنْوِينِ: فَمَعْنَاه: بخلة خَالِصَة، وَهِي ذكرى الدَّار.
وَقيل: إِن ذكرى الدَّار بدل عَن قَوْله: {خَالِصَة} على هَذِه الْقِرَاءَة، وَأما الْقِرَاءَة بِالْإِضَافَة، [فمعناها] : أخلصناهم بِأَفْضَل مَا فِي الْآخِرَة، حكى هَذَا عَن أبي زيد، وَقَالَ مُجَاهِد: أخلصناهم مَا ذكرنَا بِالْجنَّةِ لَهُم.
وَعَن مَالك بن دِينَار قَالَ ابْن عَبَّاس: أزلنا عَن قُلُوبهم حب الدُّنْيَا وَذكرهَا وأخلصناهم بحب الْآخِرَة وَذكرهَا، وَعَن بَعضهم: وأخلصناهم عَن الْآفَات والعاهات، وجعلناهم يذكرُونَ الدَّار الْآخِرَة، وَالْأولَى فِي قَوْله: {أخلصناهم} أَي: جعلناهم مُخلصين بِمَا أخبرنَا عَنْهُم،
وَقَوله: {وَإِنَّهُم عندنَا لمن المصطفين الأخيار} ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: {وَاذْكُر إِسْمَاعِيل وَالْيَسع} إِسْمَاعِيل: هُوَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، وَقَوله: {وَالْيَسع} اليسع: هُوَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء، وَيُقَال: اليسع هُوَ تلميذ إلْيَاس النَّبِي _ عَلَيْهِ السَّلَام _ وَلما رفع الله إلْيَاس _ عَلَيْهِ السَّلَام _ خلف اليسع فِي قومه، وَقَوله: {وَذَا الكفل} قد بَينا، وَيُقَال: إِنَّه رجل كفل لملك بِالْجنَّةِ إِن آمن وأطاع الله تَعَالَى وَقَوله: {وكل من الأخيار} ظَاهر الْمَعْنى.
[قَوْله تَعَالَى: {هَذَا ذكر وَإِن لِلْمُتقين لحسن مآب} ] .

الصفحة 448