كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

{تَنْزِيل الْكتاب من الله الْعَزِيز الْحَكِيم (1) إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ فاعبد الله مخلصا لَهُ الدّين (2) أَلا لله الدّين الْخَالِص وَالَّذين اتَّخذُوا من دونه أَوْلِيَاء مَا}
تَفْسِير سُورَة الزمر

وَيُقَال: سُورَة الغرف، وَهِي مَكِّيَّة إِلَّا قَوْله تَعَالَى: {الله نزل أحسن الحَدِيث} وَإِلَّا قَوْله تَعَالَى: {قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} وَعَن وهب بن مُنَبّه أَنه قَالَ: من أحب أَن يعرف قَضَاء الله تَعَالَى بَين خلقه، فليقرأ سُورَة الغرف.
قَوْله تَعَالَى: {تَنْزِيل الْكتاب} الْآيَة. مَعْنَاهُ: هَذَا تَنْزِيل الْكتاب، وَيُقَال: تَنْزِيل الْكتاب، مُبْتَدأ، وَخَبره " من الله "، وَقَوله: {الْعَزِيز الْحَكِيم} أَي: الْعَزِيز فِي ملكه، الْحَكِيم فِي أمره.
قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ} أَي: بِمَا حق إنزاله لما حكمت بذلك فِي كتب الْمُتَقَدِّمين، وَيُقَال: بِالْحَقِّ أَي: بحقي عَلَيْك وعَلى جَمِيع خلقي.
وَقَوله {فاعبد الله مخلصا لَهُ الدّين} الْإِخْلَاص هُوَ التَّوْحِيد، وَيُقَال: الْإِخْلَاص هُوَ تصفية النِّيَّة فِي طَاعَة الله تَعَالَى.
وَقَوله: {أَلا لله الدّين الْخَالِص} أَي: الدّين الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شرك هُوَ لله أَي: وَاقع بِرِضَاهُ، وَأما الدّين الَّذِي فِيهِ شرك فَلَيْسَ لله، وَإِنَّمَا ذكر هَذَا؛ لِأَنَّهُ قد يُوجد دين وَلَا تَوْحِيد وَلَا إخلاص مِنْهُ، وَيُقَال: {أَلا لله الدّين الْخَلَاص} يَعْنِي: هُوَ يَنْبَغِي أَن يوحد، وَلَا يُشْرك بِهِ سواهُ، وَهَذَا لَا يَنْبَغِي لغيره، وَعَن قَتَادَة قَالَ: أَلا لله الدّين الْخَالِص: هُوَ قَول الْقَائِل لَا إِلَه إِلَّا الله.
قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين اتَّخذُوا من دونه أَوْلِيَاء} أَي: من دون الله أَوْلِيَاء { [مَا] نعبدهم} قَرَأَ ابْن عَبَّاس [وَابْن] مَسْعُود وَمُجاهد قَالُوا: {مَا نعبدهم} ، وَفِي

الصفحة 457