كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

{مثلا رجلا فِيهِ شُرَكَاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هَل يستويان مثلا الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ (29) إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون (30) ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم} عُيَيْنَة عَن سبعين من التَّابِعين: أَن الْقُرْآن لَيْسَ بخالق وَلَا مَخْلُوق، وَهَذَا اللَّفْظ أَيْضا مَنْقُول عَن عَليّ بن الْحُسَيْن زين العابدين، وَقَوله: {لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ} أَي: يَتَّقُونَ الله.
قَوْله تَعَالَى: {ضرب الله مثلا رجلا فِيهِ شُرَكَاء متشاكسون} أَي: متعاسرون، وَقَوله: {ورجلا سلما لرجل} أَي: سلما خَالِصا لرجل، وَهَذَا ضرب مثل لِلْمُؤمنِ وَالْكَافِر؛ فَإِن الْكَافِر يعبد أصناما كَثِيرَة، وَالْمُؤمن لَا يعبد إِلَّا الله وَحده.
وَقَوله: {هَل يستويان مثلا} أَي: شبها، وَقَوله: {الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ} مَعْنَاهُ: الْحَمد لي على مَا بَينته من الْحق، وَقَوله: {بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ} أَي: الْكفَّار.
قَوْله تَعَالَى: {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} أَي: سَتَمُوتُ، وَالْمَيِّت وَالْمَيِّت وَاحِد، وَفرق بَعضهم بَينهمَا؛ فَقَالَ: الْمَيِّت: هُوَ الَّذِي مَاتَ حَقِيقَة، وَالْمَيِّت هُوَ الَّذِي سيموت؛ قَالَ الشَّاعِر:
(لَيْسَ من مَاتَ فاستراح بميت ... إِنَّمَا الْمَيِّت ميت الْأَحْيَاء)
وَفَائِدَة الْآيَة أَن الله تَعَالَى بَين أَن مُحَمَّدًا يَمُوت لما علم من اخْتِلَاف أَصْحَابه فِي مَوته.
قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} ظَاهر الْمَعْنى.
وَفِي بعض المسانيد بِرِوَايَة الزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ لرَسُول الله حِين نزلت هَذِه الْآيَة: {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} : " يَا رَسُول الله، أيكرر علينا مَا كَانَ بَيْننَا من خَواص الذُّنُوب؟ قَالَ رَسُول الله: نعم،

الصفحة 468