كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

{الغفور الرَّحِيم (53) وأنيبوا إِلَى ربكُم وَأَسْلمُوا لَهُ من قبل أَن يأتيكم الْعَذَاب ثمَّ لَا تنْصرُونَ (54) وَاتبعُوا أحسن مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم من قبل أَن يأتيكم الْعَذَاب بَغْتَة}
وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: " لَا تأيسوا من رَحْمَة الله "، وَهُوَ معنى قَوْله: {لَا تقنطوا} .
وَقَوله: {إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا إِنَّه هُوَ الغفور الرَّحِيم} ظَاهر الْمَعْنى، قَالَ أهل التَّفْسِير: يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا إِن شَاءَ.
وروى انه لما نزلت هَذِه الْآيَة؛ قَالَ رجل: " يَا رَسُول الله، وَمن أشرك؟ فَسكت النَّبِي، ثمَّ قَالَ: وَمن أشرك؟ قَالَ: إِلَّا من أشرك ".
وروى أَن عبد الله بن مَسْعُود مر بقاص يقص، ويشدد على الْقَوْم فَقَالَ: أَيهَا الرجل، لَا تفعل كَذَلِك، وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة: " قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم " الْآيَة.
وروى شهر بن حَوْشَب عَن أَسمَاء بنت يزِيد. " أَن النَّبِي قَرَأَ: " قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا وَلَا يُبَالِي " ذكره أَبُو عِيسَى فِي جَامعه.
قَوْله تَعَالَى {وأنيبوا إِلَى ربكُم} مَعْنَاهُ: وَارْجِعُوا إِلَى ربكُم، وَقَوله: {وَأَسْلمُوا لَهُ} أَي: وَأَخْلصُوا لَهُ، وَيُقَال: واستسلموا لَهُ، وَقَوله: {من قبل أَن يأتيكم الْعَذَاب ثمَّ لَا تنْصرُونَ} أَي: لَا تمْنَعُونَ.
قَوْله تَعَالَى: {وَاتبعُوا أحسن مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم} قد بَينا معنى الْأَحْسَن فِيمَا سبق، وَيُقَال: {وَاتبعُوا أحسن مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم} أَي: الْحسن الَّذِي أنزل إِلَيْكُم من ربكُم.

الصفحة 476