كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

{بِالْحَقِّ وهم لَا يظْلمُونَ (69) ووفيت كل نفس مَا عملت وَهُوَ أعلم بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وسيق الَّذين كفرُوا إِلَى جَهَنَّم زمرا حَتَّى إِذا جاءوها فتحت أَبْوَابهَا وَقَالَ لَهُم خزنتها ألم}
وَقَوله: {وَوضع الْكتاب} المُرَاد من الْكتاب: كتاب الْأَعْمَال. وَعَن عَطاء بن السَّائِب أَنه قَالَ: إِن أول من يُحَاسب جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ كَانَ أَمِين الله على جَمِيع وحيه، وروى أَن أول من يُحَاسب الْأَنْبِيَاء، وَثَبت فِي بعض الرِّوَايَات أَن النَّبِي قَالَ: " أول مَا يقْضِي الله تَعَالَى فِيهِ بَين الْخلق هُوَ الدِّمَاء ".
وَقَوله: {وَجِيء بالنبيين وَالشُّهَدَاء} أَي: الَّذين يشْهدُونَ للأنبياء التَّبْلِيغ، وعَلى الْأُمَم بالتكذيب، وَقد بَينا هَذَا من قبل.
وَقَوله: {وَقضى بَينهم بِالْحَقِّ} أَي: بِالْعَدْلِ، وَقَوله: {وهم لَا يظْلمُونَ} أَي: لَا يُزَاد فِي سيئاتهم، وَلَا ينقص من حسناتهم.
قَوْله تَعَالَى: {ووفيت كل نفس مَا عملت وَهُوَ أعلم بِمَا يَفْعَلُونَ} أَي: يصنعون، وَقد روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي " أَن الله تَعَالَى يَأْمر من يُنَادي يَوْم الْقِيَامَة: يَا أهل الْجنَّة، إِن لكم أَن تحيوا فَلَا تَمُوتُوا، وَأَن تصحوا فَلَا تسقموا، وَأَن تشبوا فَلَا تهرموا، وَأَن تنعموا فَلَا تبأسوا؛ ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {ووفيت كل نفس مَا عملت وَهُوَ أعلم بِمَا يَفْعَلُونَ} ".
قَوْله تَعَالَى: {وسيق الَّذين كفرُوا إِلَى جَهَنَّم زمرا} أَي: أَفْوَاجًا زمرة بعد زمرة، وَقَوله: {حَتَّى إِذا جاءوها فتحت أَبْوَابهَا وَقَالَ لَهُم خزنتها ألم يأتكم رسل مِنْكُم يَتلون عَلَيْكُم آيَات ربكُم وينذرونكم لِقَاء يومكم هَذَا} أَي: يخوفونكم.
وَقَوله: {قَالُوا بلَى وَلَكِن حقت كلمة الْعَذَاب} هُوَ قَوْله تَعَالَى: {لأملأن جَهَنَّم

الصفحة 482