كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
{تبَارك الَّذِي نزل الْفرْقَان على عَبده ليَكُون للْعَالمين نذيرا الَّذِي لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَخلق كل شَيْء فقدره تَقْديرا} .
تَفْسِير سُورَة الْفرْقَان

وَهِي مَكِّيَّة، قَالَ الضَّحَّاك: هى مَدَنِيَّة.
قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {تبَارك الَّذِي نزل الْفرْقَان على عَبده} وَقَرَأَ عبد الله بن الزبير: " على عباده " على الْجمع. قَوْله: {تبَارك} تفَاعل من الْبركَة , وَقيل: تبَارك أَي: جلّ بِمَا لم يزل وَلَا يزَال، وَقَالَ الْحسن: تبَارك صفة من صِفَات الله تَعَالَى؛ لِأَن كل بركَة تجئ مِنْهُ، وَقَالَ غَيره: لِأَنَّهُ يتبرك باسمه، وَأما الْبركَة فهى الْخَيْر وَالزِّيَادَة، وَقيل: فعل كل طَاعَة من الْعباد بركَة، والبروك هُوَ الثُّبُوت، وَيُقَال: فلَان مبارك أَي: ينزل الْخَيْر حَيْثُ ينزل.
وَقَوله: {الذى نزل الْفرْقَان} أَي: الْقُرْآن , وسمى الْقُرْآن فرقانا لمعنيين: احدهما: لِأَنَّهُ يفرق بَين الْحق وَالْبَاطِل، والأخر: أَن فِيهِ بَيَان الْحَلَال وَالْحرَام.
وَقَوله تَعَالَى: {على عَبده} أَي: مُحَمَّد.
وَقَوله: {ليَكُون للْعَالمين نذيرا} أَي: الْجِنّ والأنس، قَالَ أهل الْعلم: وَلم يبْعَث نَبِي إِلَى جَمِيع الْعَالمين غير نوح وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله تَعَالَى: {الذى لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلم يتَّخذ ولدا} يعْنى: كَمَا قَالَه النَّصَارَى.
وَقَوله: {وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك} أَي: كَمَا قَالَه عَبدة الْأَصْنَام وَغَيرهم.
وَقَوله: {وَخلق كل شَيْء} أَي: مِمَّا يصلح أَن يكون مخلوقا.
قَوْله: (فقدره تَقْديرا) أَي: سواهُ تَسْوِيَة على مايصلح لِلْأَمْرِ الذى أُرِيد لَهُ، وَيُقَال: بَين مقادير الْأَشْيَاء ومنافعها، وَمِقْدَار لبثها وَوقت فنائها.

الصفحة 5