كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 4)
{كَانَ عَذَاب يَوْم عَظِيم (189) إِن فِي ذَلِك لآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهم مُؤمنين (190) وَإِن رَبك لَهو الْعَزِيز الرَّحِيم (191) وَإنَّهُ لتنزيل رب الْعَالمين (192) نزل بِهِ الرّوح الْأمين (193) على قَلْبك لتَكون من الْمُنْذرين (194) بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين (195) وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين (196) أَو لم يكن لَهُم آيَة أَن يُعلمهُ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل (197) فَخَرجُوا إِلَى الصَّحرَاء، فَجَاءَت سَحَابَة حَمْرَاء، فَاجْتمعُوا تحتهَا مستغيثين ليستظلوا بهَا، فأمطرت السحابة عَلَيْهِم نَارا، فاضطرم الْوَادي عَلَيْهِم، فَكَانَ أَشد عَذَاب يُوجد فِي الدُّنْيَا.
وَقَوله: {إِن فِي ذَلِك لآيَة} قد بَينا إِلَى آخر الْآيَتَيْنِ.
قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّهُ لتنزيل رب الْعَالمين} أَي: الْقُرْآن.
وَقَوله: {نزل بِهِ الرّوح الْأمين} وَقُرِئَ: " نزل بِهِ الرّوح الْأمين " بِدُونِ التَّشْدِيد، وَالروح الْأمين هُوَ جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - وَسمي [جِبْرِيل] أَمينا؛ لِأَنَّهُ أَمِين الله على وحيه، وَفِي بعض الْآثَار: أَنه يرفع سبعين ألف حجاب، وَيدخل بِغَيْر اسْتِئْذَان، فَهُوَ معنى الْأمين.
وَقَوله: {على قَلْبك} ذكر الْقلب هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ إِذا قرئَ عَلَيْهِ وعاه قلبه.
وَقَوله: {لتَكون من الْمُنْذرين} أَي: المخوفين.
وَقَوله: {بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين} قَالَ ابْن عَبَّاس: بِلِسَان قُرَيْش، وَعَن بَعضهم: بِلِسَان جرهم، وَمِنْهُم أَخذ إِسْمَاعِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - الْعَرَبيَّة.
وَقَوله: {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين} فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن ذكر مُحَمَّد فِي زبر الْأَوَّلين أَي: فِي كتب الْأَوَّلين.
وَالْقَوْل الآخر: ذكر إِنْزَال الْقُرْآن فِي (زبر) الْأَوَّلين، وَقد قَالُوا: إِن كليهمَا مارد.
قَوْله تَعَالَى: {أَو لم يكن لَهُم آيَة} قرئَ: آيَة بِالنّصب وَالرَّفْع، فَمن قَرَأَ بِالنّصب جعل آيَة خبر يكن، وَمَعْنَاهُ: أَو لم يكن لَهُم علم عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل آيَة أَي: عَلامَة، وَمن قَرَأَ بِالرَّفْع فَجعل آيَة اسْم يكن، وَأما خَبره فَقَوله: {أَن يُعلمهُ} وَأما
الصفحة 66