كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 4)
العقل وقيده بعضهم بكونه خليًا من الشوائب.
ولب كل شيءٍ خالصه، سمي بذلك لكونه خالص ما في الإنسان من قوةٍ كاللباب من الشيء. وقيل: هو ما زكا من العقل، فهو أخص منه، وكل لبٍ عقل وليس كل عقلٍ لبًا، ولهذا علق الله تعالى الأحكام التي لا تدركها إلا العقول الزكية بأولي الألباب فخاطبهم بها دون من عداهم، ولذلك أورد قوله تعالى:} وما يذكر إلا أولو الألباب {بعد قوله:} فقد أوتي خيرًا كثيرًا {[البقرة: 269].
وقالوا: لب الرجل يلب، أي صار ذا لبٍ، ومنه قول بعضهن في ابنٍ لها: "اضربه كي يلب، ويقود الجيش ذا اللجب" ورجل لبيب، والجمع الباء، وملبون: معروفون باللب. وقولهم: لبيك اللهم لبيك، فيه أربعة أوجهٍ:
أحدها: أن معناه إجابتي لك يا رب، مأخوذ من ألب المكان: أقام به. وتثنيته لا يراد بها شفع الواحد بل معناه إجابًة بعد إجابةٍ ومثله: حنانيك، وأصل ذلك في البعير وهو أن يلقي لبته في صدره. وتلبب، أي تحزم، وأصله أن يشد لبته، ومنه حديث عمر: "فلببته بردائه". ولببته: ضربت لبته، وإنما سميت لبًة لأنها موضع اللب، قاله الراغب وفيه نظر لأن الصحيح أن العقل في الرأس لا في الصدر.
والثاني: معناه اتجاهي لك يا رب وقصدي إليك، من قولهم: داري تلب دارك أي تواجهها.
والثالث: أن معناها محبتي لك، من قولهم: امرأة لبة لولدها أي عاطفة عليه وأنشد: [من الطويل]
1419 - وكنتم كأمٍ لبةٍ طعن ابنها ... إليها، فما درت عليه بساعد
والرابع: إنه إخلاص لك، من قولهم: حسب لباب، أي خالص لا شوب فيه، ومنه:
الصفحة 5
458