كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 4)

مَجْمُوعَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فتثير سحابا}
{وأرسلنا الرياح لواقح}
{ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات}
وَحَيْثُ ذُكِرَتْ فِي سِيَاقِ الْعَذَابِ أَتَتْ مُفْرَدَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أيام نحسات}
{فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها}
{وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية}
{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ به الريح}
{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}
وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا" وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ رِيَاحَ الرَّحْمَةِ مُخْتَلِفَةُ الصِّفَاتِ وَالْمَاهِيَّاتِ وَالْمَنَافِعِ وَإِذَا هَاجَتْ مِنْهَا رِيحٌ أُثِيرَ لَهَا مِنْ مُقَابِلِهَا مَا يَكْسِرُ سَوْرَتَهَا فَيَنْشَأُ مِنْ بَيْنِهِمَا رِيحٌ لَطِيفَةٌ تَنْفَعُ الْحَيَوَانَ وَالنَّبَاتَ وَكَانَتْ فِي الرَّحْمَةِ رِيَاحًا وَأَمَّا فِي الْعَذَابِ فَإِنَّهَا تَأْتِي مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَلَا مُعَارِضَ وَلَا دَافِعَ وَلِهَذَا وَصَفَهَا اللَّهُ بِالْعَقِيمِ فَقَالَ {وَفِي عَادٍ إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم} أَيْ تَعْقِمُ مَا مَرَّتْ بِهِ وَقَدِ اطَّرَدَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ إِلَّا فِي مَوَاضِعَ يَسِيرَةٍ لِحِكْمَةٍ فَمِنْهَا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ فِي سُورَةِ يُونُسَ {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا

الصفحة 10