كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 4)

(تشاغلت بالدنيا ونمت مفرطا ... وَفِي شغلي أَو نومتي سرق الْعُمر)
ثمَّ حرص على لِقَاء الشَّيْخ ابْن عَاشر رَضِي الله عَنهُ حَتَّى ظفر بِهِ فَعظم سروره بذلك وتبجح بِهِ إِذْ قَالَ فِي نفاضة الجراب وَلَقِيت من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى بسلا الْوَلِيّ الزَّاهِد الْكَبِير الْمُنْقَطع القرين فِرَارًا عَن زهرَة الدُّنْيَا وعزوفا عَنْهَا وإغراقا فِي الْوَرع وشهرة بالكشف وَإجَابَة الدعْوَة وَظُهُور الكرامات أَبَا الْعَبَّاس بن عَاشر يسر الله تَعَالَى لقاءه على تعذره لصعوبة تَأتيه وكثافة هيبته قَاعِدا بَين الْقُبُور فِي الْخَلَاء رث الهيثة مطرق اللحظ كثير الصمت مفرط الانقباض وَالْعُزْلَة قد ضرسه أهل الدُّنْيَا وتطارحهم فَهُوَ شَدِيد الاشمئزاز من قاصده مجرمز للوثبة من طارقه نفع الله تَعَالَى بِهِ أه كَلَامه فِي النفاضة وَقَالَ رَحمَه الله من قصيدته العينية السلاوية الَّتِي وَجههَا إِلَى سلا أَيَّام خلف بهَا أَهله وَولده
(بولِي الله فابدأ وابتدر ... وَاحِدًا الأحاد فِي بَاب الْوَرع)
وَمرَاده بولِي الله ابْن عَاشر الْمَذْكُور
ثمَّ إِن ابْن الْخَطِيب بعد رُجُوعه من مراكش جعل ينتاب رِبَاط شالة مدفن الْمُلُوك من بني مرين وَمِنْهُم السُّلْطَان أَبُو الْحسن رَحمَه الله للدُّعَاء وَقِرَاءَة الْقُرْآن بهَا وتعاهدها وَقد كتب بذلك إِلَى السُّلْطَان أبي سَالم وَطلب مِنْهُ أَن يشفع لَهُ عِنْد أهل الأندلس فِي رد مَتَاعه الَّذِي أتلفوه عَلَيْهِ أَيَّام النكبة وَنَصّ الْكتاب مولَايَ المرجو لإتمام الصنيعة وصلَة النِّعْمَة وإحراز الْفَخر أبقاكم الله تَعَالَى تضرب بكم الْأَمْثَال فِي الْبر وَالرِّضَا وعلو الهمة ورعي الْوَسِيلَة مقبل موطئ قدمكم الْمُنْقَطع إِلَى تربة الْمولى والدكم ابْن الْخَطِيب من الضريح الْمُقَدّس بشالة وَقد حط رَحل الرَّجَاء فِي الْقبَّة المقدسة وَتيَمّم بالتربة الزكية وَقعد بِإِزَاءِ لحد الْمولى أبيكم سَاعَة إيابه من الوجهة الْمُبَارَكَة وزيارة الرَّبْط الْمَقْصُودَة والترب المعظمة وَقد عزم أَن لَا يبرح طَوْعًا من هَذَا الْجوَار الْكَرِيم والدخيل المرعى حَتَّى يصله من مقامكم مَا

الصفحة 24