كتاب مصابيح السنة (اسم الجزء: 4)

4653 - وقال عبد الرحمن بن أبي بكر: "إنَّ أصحابَ الصُّفَّةِ كانوا أُناسًا فقراءَ، وإنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قالَ: مَن كانَ عندَهُ طعامُ اثنينِ فلْيَذهبْ بثالثٍ، ومَن كانَ عندَه طعامُ أربعةٍ، فليَذهبْ بخامسٍ، أو سادسٍ، وإنَّ أبا بكرِ جاءَ بثلاثةٍ، وانطلقَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم بعشرةٍ، وإنَّ أبا بكرٍ تَعَشَّى عندَ النَّبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم ثم لَبِثَ حتَّى صُلِّيَتْ (¬1) العِشَاءُ، ثمَّ رجعَ فلبِثَ حتَّى تَعَشَّى النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم، فجاءَ بعدَ ما مَضَى مِن الليلِ ما شاءَ اللَّهُ قالَتْ له امرأتُه: ما حبسَكَ عن أضيافِكَ؟ فال: أَوَ مَا عَشَّيْتِيهم؟ قالَت: أَبَوا حتَّى تَجيءَ، فغضبَ وقال: واللَّهِ لا أطعَمُه أبدًا، فحلفَت المرأةُ أنْ لا تَطعمُه، وحلفَ الأضياف أنْ لا يَطعمُوه، قال أبو بكرٍ رضي اللَّه عنه: كانَ هذا مِن الشيطانِ، فَدَعَا بالطعامِ فأكلَ وأكلُوا، فجعلُوا لا يرفعُون لقمةً إلّا رَبَتْ مِن أسفلِها أكثرُ منها، فقالَ لامرأتِه: يا أُختَ بني فِرَاس، ما هذا؟ قالت: وقُرَّةِ عيني إنها الآنَ لأكثرُ منها قبلَ ذلكَ بثلاثِ مِرارٍ فأكلوا وبَعَثَ بها إلى النَّبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم، فذُكِرَ أنه أكلَ منها" (¬2).
¬__________
(¬1) تصحفت في المطبوعة إلى: (صلينا)، والتصويب من لفظ المؤلف في شرح السنة 2/ 1934، وهو الموافق للفظ مسلم.
(¬2) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 587، كتاب المناقب (61)، باب علامات النبوة في الإِسلام (25)، الحديث (3581) من أول الحديث إلى قوله: "فغضب" وأخرج بقية الحديث في 10/ 535، كتاب الأدب (78)، باب ما يكره من الغضب. . . (87)، الحديث (6141)، واللفظ له، وأخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1627 - 1628، كتاب الأشربة (36)، باب إكرام الضيف. . . (32)، الحديث (176/ 2057) وقوله: "إلّا رَبَتْ من أسفلها أكثر" قال القاري في المرقاة 5/ 487: (وضُبِطَ أكثر بالنصب في أكثر النسخ، وفي نسخة بالرفع) وامرأة أبي بكر هي أم رومان من بني فِراس بن تيم، وقال: (وَقُرَّةَ عيني، بالجر وفي نسخة بالنصب ولعلها على نزع الخافض. . .، وقرة العين يُعَبَّر بها عن المسرَّة).

الصفحة 126