كتاب مصابيح السنة (اسم الجزء: 4)

اللَّبَنَ فشرِبْتُهُ، فقيلَ لي: هُدِيت الفِطْرةَ، أما إنَّكَ لو أخذْتَ الخمرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ" (¬1).

4445 - عن ابن عباس قال: "سِرْنا معَ رسُولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بينَ مكَّةَ والمدينَةِ، فمرَرْنا بوادٍ فقال: أيُّ وادٍ هذا؟ فقالوا: وادِي الأزرقِ، قال: كأنِّي أنظُرُ إلى موسَى، فذكَرَ منْ لونِهِ وشعرِهِ شيئًا، واضِعًا أصبعَيْهِ في أُذُنَيْهِ، لهُ جُؤارٌ إلى اللَّه تعالى بالتلبِيَةِ مارًّا بهذا الوادِي. قال: ثمَّ سِرْنا حتَّى أَتَيْنا على ثَنِيَّة فقال: أيُّ ثَنِيَّةٍ هذهِ؟ قالوا: هَرْشَى أو لِفْتٌ، فقال: كأنِّي أنظُرُ إلى يونُسَ عَلَى ناقَةٍ حمراءَ عليهِ جُبَّة صُوفٍ خِطامُ ناقَتِهِ خُلْبَةٌ مارًّا بهذا الوادي مُلبِّيًا" (¬2).

4446 - عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النَّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: "خفَّفَ عَلَى داودَ القُرآنُ، فكانَ يأمرُ بدوابِّهِ فتُسرَجُ، فيقرأُ القُرآنَ قبلَ أنْ تُسرَجَ دوابُّة، ولا يأكُل إلَّا مِنْ عملِ يَدِه" (¬3).
¬__________
(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 428، كتاب الأنبياء (60)، باب قول اللَّه تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [طه (20)، الآية (9)] (24)، الحديث (3394)، وفي 6/ 476، باب قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} [مريم (19)، الآية (16)] (48)، الحديث (3437)، ومسلم في الصحيح 1/ 154، كتاب الإيمان (1)، باب الإسراء برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (74)، الحديث (272/ 168)، والمضطرب: الطويل غير الشديد، وقيل الخفيف اللحم. وَرجِلُ الشَّعْرِ: بين الجعودة والسَبوطة. وقوله: "رَبْعة" هو المربوع والمراد أنَّه ليس بطويل جدًّا ولا قصير جدًّا بل وسط (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 6/ 484).
(¬2) أخرجه مسلم في الصحيح 1/ 152، كتاب الإيمان (1)، باب الإسراء برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (74)، الحديث (268/ 166)، وجؤار: تضرّع وهَرْشَى: ثنيّة بقرب الجحفة، يقال لها أيضًا لفت. والثنية: طريق عال في الجبل أو بين الجبلين: الخطام: هو الحبل الذي يقاد به البعير، خُلْبة: ليفة نخل.
(¬3) أخرجه البخاري في الصحيح 4/ 303، كتاب البيوع (34)، باب كسب الرجل وعمله بيده (15)، الحديث (2073)، وفي 6/ 453، كتاب الأنبياء (60)، باب قوله تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} (37)، الحديث (3417).

الصفحة 26