كتاب مصابيح السنة (اسم الجزء: 4)

الجَرَس وهوَ أَشَدُّهُ عليَّ، فَيَفْصِمُ عنِّي وقدْ وَعَيْتُ عنهُ ما قالَ، وأحْيانًا يَتمثَّل لي الملَكُ رجلًا فيُكلِّمُني فأعِي ما يقولُ. قالت عائشةُ رضي اللَّه عنها: ولقدْ رأيتُهُ يَنزِلُ عليهِ الوَحْيُ في اليومِ الشديدِ البرْدِ فيَفْصِمُ عنهُ وإنَّ جَبِينَة ليَتَفَصَّدُ عَرَقًا" (¬1).

4559 - عن عبادة بن الصامِت رضي اللَّه عنه قال: "كانَ النَّبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم إذا أُنزِلَ عَلَيهِ الوَحْيُ كُرِبَ لذلكَ وتَرَبَّدَ وجهُهُ" (¬2). وفي رواية: "نَكَسَ رأسَهُ ونَكَسَ أصحابُهُ رؤسَهُمْ، فلمَّا سُرِّيَ عنهُ (¬3) رفعَ رأسَهُ" (¬4).

4560 - عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: "لمَّا نَزلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (¬5) خرجَ النَّبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم حتَّى صَعِدَ الصَّفا، فجعلَ يُنادِي: يا بَني فِهْرٍ، يا بَني عَدِيّ لبُطونِ قريشٍ حتَّى اجتمعُوا، فجعلَ الرجل إذا لمْ يستطِعْ أنْ يَخرجَ أرسلَ رسولًا لينظرَ ما هوَ، فجاءَ أبو لَهَبٍ
¬__________
(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 18، كتاب بدء الوحي (1)، باب (2)، الحديث (2)، واللفظ له، ومسلم في الصحيح 4/ 1816، كتاب الفضائل (43)، باب عرق النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في البرد وحين يأتيه الوحي (23)، الحديث (86/ 2333) و (87/ 2333)، والصلصلة: في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض، ثم أطلق على كل صوت له طنين، وقيل هو صوت متدارك لا يدرك في أول وهلة. وقوله: "فيَفْصِم" بفتح أوله وسكون الفاء وكسر المهملة أي يقلع ويتجلى ما يغشاني، ويُروى بضم أوله من الرباعي، وفي رواية بضم أوّله وفتح الصاد على البناء للمجهول -فيفصم- وأصل الفصم القطع (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 1/ 20)، ويتفصّد عرقًا أي يتصبَّب.
(¬2) أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1817، كتاب الفضائل (43)، باب عرق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في البرد وحين يأتيه الوحي (43)، الحديث (88/ 2334)، ومعنى كُرِبَ أي أصابه الحزن. وتربَّد: أي تغير وصار كلون الرماد.
(¬3) كذا في المطبوعة، ولفظ مسلم: ". . . فلما أُتْلِيَ عنه. . . " قال النووي في شرح صحيح مسلم 15/ 89: (هكذا هو في معظم نسخ بلادنا أُتلي، ومعناه ارتفع عنه الوحي).
(¬4) أخرجه مسلم في المصدر السابق، الحديث (89/ 2335).
(¬5) سورة الشعراء (26)، الآية (214).

الصفحة 67