كتاب مصابيح السنة (اسم الجزء: 4)

4570 - عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: "قالَ أبو جَهْلٍ: هلْ يُعَفِّرُ محمّدٌ وجهَهُ بينَ أظهُرِكُمْ؟ فقيلَ: نعمْ، فقالَ: واللَّاتِ والعُزَّى لَئِنْ رأيتهُ يفعلُ ذلكَ لَأطأنَّ على رقَبَتِهِ. فأتَى رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهوَ يُصلِّي، زَعَمَ لِيَطأَ على رَقبَتهِ، فما فَجِئَهُمْ منة إلَّا وهوَ يَنْكِصُ على عَقِبَيْهِ ويَتَّقي بيدَيْهِ، فقيلَ لهُ: مالكَ؟ فقال: إنَّ بينِي وبينَهُ لخَندقًا منْ نارٍ وهَوْلًا وأجنِحةً. فقالَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: لوْ دَنا مِنَي لاخْتَطَفَتْهُ الملائِكَةُ عضْوًا عُضْوًا" (¬1).

4571 - وقال عَدِيّ بن حاتِم رضي اللَّه عنه: "بَيْنا أنا عندَ النَّبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم إذْ أتاه رجلٌ فشَكا إليهِ الفاقَةَ، ثُمَّ أتاهُ آخرُ فشَكا إليهِ قَطْعَ السبيل، فقال: يا عَدِيُّ هلْ رأيتَ الحِيرَةَ؟ قال: نعم (¬2)، قال: فإنْ طالَتْ بِكَ حَياةٌ فلَتَرَيَنَّ الظَعينَةَ تَرْتحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حتَّى تَطوفَ بالكعبةِ لا تخاف أحدًا إلَّا اللَّه، ولَئنْ طالَتْ بكَ حياةٌ لتفْتَحنَّ كُنوزُ كِسْرَى، ولَئنْ طالَتْ بكَ حياةٌ لَتَرَيَنَّ الرجلَ يُخرِجُ مِلْءَ كفِّهِ منْ ذهَبٍ أو فِضةٍ يَطلُبُ مَنْ يَقبَلُة منهُ فلا يَجِدُ أحدًا يَقبَلُهُ منه، ولَيلقَيَنَّ اللَّه أحدُكُمْ [يَوْمَ القِيَامَةِ] (¬3) يومَ يَلقاهْ وليسَ بينَهُ وبينَهُ تَرْجمانٌ يُترجِمُ لهُ، فلَيقولَنَّ: أَلَمْ أبعَثْ إليكَ رسولًا فيُبلِّغَكَ؟ فيقولُ: بلَى (¬4)، فيقول: ألَمْ أُعطِكَ مالًا وأُفْضِل عليكَ؟ فيقولُ: بلَى، فيَنظُرُ عنْ يَمينِهِ فلا يرَى
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 2154، كتاب صفة القيامة والجنة والنار (50)، باب قوله {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق (96)، الآيتان (6 - 7)] (6)، الحديث (38/ 2797)، قوله: "هل يعفّر محمد وجهه" أي يسجد ويلصق وجهه بالعفر وهو التراب. وقوله: "ينكِص على عقبيه" أي رجع يمشي إلى ورائه (النووي، شرح صحيح مسلم 17/ 139 - 140).
(¬2) كذا في الأصل المطبوع، ولفظ البخاري: ". . . هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها وقد أُنبئْتُ عنها، قال: فإن طالت. . . ".
(¬3) ما بين الحاصرتين من مخطوطة برلين وليس فيها (يوم يلقاه). والموجود عند البخاري (يوم يلقاه) فقط، وكذا في المطبوعة وما أثبتناه هو الموافق للفظ المؤلف في شرح السنة 15/ 32.
(¬4) في المطبوعة زيادة (يا رب) وليست في المخطوطة، ولا عند المؤلف في شرح السنة، ولا عند البخاري.

الصفحة 72