كتاب مصابيح السنة (اسم الجزء: 4)

فصل في المِعْرَاجِ
[مِنَ الصِّحَاحِ:]

4577 - عن قتادة رضي اللَّه عنه، عن أنس بن مالِك رضيَ اللَّه عنه، عن مالِك بن صَعْصَعَة رضي اللَّه عنه، أنّ نبيّ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حدّثهم عن ليلة أُسرِيَ به: "بينما أنا في الحَطِيمِ -وربّما قال: في الحِجْرِ- (¬1) مُضطجِعًا إذْ أتانِي آتٍ فشقَّ ما بينَ هذِه إلى هذِه -يَعني: منْ ثغْرةِ نَحْرِهِ إلى شِعْرَتِهِ- (¬2) فاستخرجَ قَلبِي، ثمَّ أُتيتُ بطَسْتٍ منْ ذَهبٍ مملوءٍ إيمانًا (¬3)، فغُسِلَ قَلبي، ثُمَّ حُشِيَ، ثُمَّ أُعيدَ -وفي رواية (¬4): ثُمَّ غُسِلَ البطنُ بماءِ زَمْزَمَ، ثمَّ مُلِئَ إيمانًا وحِكْمةً- ثُمَّ أُتيتُ بِدابّةٍ دُونَ البَغلِ وفوقَ الحِمارِ أبيضَ، يَضَعُ خَطْوَهُ عندَ أقصَى طَرْفِهِ، فحُمِلتُ عليهِ، فانطلقَ بي جِبريلُ حتَّى أتَى السماءَ الدُّنيا، فاستفتَحَ، قيلَ مَنْ هذا؟ قالَ: جِبريلُ، قيل: ومَن معكَ؟ قال محمّدٌ، قيل: وقدْ أُرسِلَ إليه؟ قال: نعم، قيل: مَرحبًا بهِ فنِعْمَ المجيءُ جاءَ، ففُتِحَ، فلمَّا خَلَصْتُ (¬5) فإذا فيها آدمُ، فقال: هذا أبوكَ آدم فسلِّمْ عليه، فسلَّمتُ عليهِ، فردَّ السلامَ ثمّ قال: مَرحبًا بالابنِ الصالحِ والنبيِّ الصالحِ. ثمّ صَعِدَ بي حتَّى أتَى السماءَ الثانيةَ، فاستفتَحَ، قيل: مَنْ هذا؟ قال: جِبريلُ، قيل: ومَنْ معكَ؟ قال: محمّدٌ قيل: وقد أُرسِلَ إليه؟ قال: نعمْ،
¬__________
(¬1) الحطيم: حِجر، سمي حِجرًا لأنَّه حجر عنه بحيطانه، وحطيمًا لأنه حطم عنه جداره عن مساواة الكعبة.
(¬2) قوله: "ثغرة نحره" أي الموضع المنخفض الذي بين الترقوتين، و"شِعرته" أي شعر العانة (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 7/ 204).
(¬3) في المخطوطة زيادة: (وحكمة) وليست في المطبوعة، ولا في لفظ المؤلف في شرح السنة 13/ 337، ولا عند البخاري، وهي موجودة عند مسلم.
(¬4) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 302، كتاب بدء الخلق (59)، باب ذكر الملائكة (6)، الحديث (3207)، ومسلم في الصحيح 1/ 151، كتاب الإيمان (1)، باب الإسراء برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى السماوات وفرض الصلوات (74)، الحديث (265/ 164).
(¬5) قوله: "فلما خَلَصْت" أي وصلت ودخلت (القاري، المرقاة 3/ 427).

الصفحة 76