كتاب مصابيح السنة (اسم الجزء: 4)

السَّماءِ السابعةِ، فاستفتَحَ جِبريلُ، قيل: مَنْ هذا؟ قال: جِبريلُ، قيل: ومَنْ معكَ؟ قال: محمدٌ، قيل: وقدْ بُعِثَ إليه؟ قال: نعمْ، قيل: مَرحبًا بهِ فنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ، فلمَّا خَلَصْتُ فإذا إبراهيمُ، قال: هذا أبوكَ إبراهيمُ فسلِّمْ عليهِ، فسلَّمتُ عليهِ، فردَّ السَّلامَ ثمّ قال: مَرحبًا بِالابْنِ الصالحِ والنبيِّ الصالحِ. ثمَّ رُفِعْت إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى (¬1)، فإذا نَبِقُها مِثْلُ قِلالِ هَجَرَ (¬2)، وإذا وَرَقُها مِثْل آذانِ الفِيَلَة، قال: هذا سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فإذا أربعةُ أنهارٍ: نَهرانِ باطِنان، ونَهرانِ ظاهرانِ، قلتُ: ما هذانِ يا جبريلُ؟ قال: أمَّا الباطِنانِ فَنهرانِ في الجنَّةِ، وأمّا (¬3) الظّاهِرَانِ فَالنِّيلُ (¬4) والفُراتُ. ثم رُفِعَ لي البيتُ المَعْمُورُ (¬5). ثمَّ أُتيتُ بإناءٍ منْ خَمْرٍ وإناءٍ منْ لَبَن وإناءٍ منْ عَسلٍ، فأخذتُ اللَّبَنَ، فقال: هيَ الفِطرةُ التي أنتَ عليها وأُمَّتُكَ ثُمَّ فُرِضَتْ عليَّ الصلاةُ خَمسينَ صلاةً كُلَّ يومٍ، فرَجَعْتُ فمَررْتُ على مُوسَى فقال: بِمَ أُمِرْتَ؟ قلتُ: أُمِرْتُ بخَمسينَ صلاةً كُلَّ يومٍ، قال: إنَّ أمَّتَكَ لا تَستطيعُ خَمسينَ صلاةً كُلَّ يومٍ، وإنِّي واللَّه قدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وعالَجْتُ بَني إسْرائيل أَشَدَّ المُعالَجَة، فارجِعْ إلى ربِّك فسَلْهُ (¬6) التخْفِيفَ لأُمَّتِكَ، فرجَعتُ، فوضَعَ عنِّي عَشْرًا، فرجَعتُ إلى مُوسَى
¬__________
(¬1) سدْرَة المنتهى: قال النووي (سميّت كذلك لأنَّ علم الملائكة ينتهي إليها، ولم يجاوزها أحد إلَّا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) وقال السيوطي: (إضافتها إلى المنتهى لأنَّها مكان ينتهي دونه أعمال العباد وعلوم الخلائق (القاري، المرقاة 5/ 429).
(¬2) قوله: "فإذا نَبِقُها مثل قِلال هجر" النَبِقَ: هو ثمر السدر، قال الخطابي: القِلال بالكسر جمع قُلّة بالضم هي الجرار، يريد أن ثمرها في الكبر مثل القلال، وكانت معروفة عند المخاطبين فلذلك وقع التمثيل بها. وهَجَر بلدة (الحافظ ابن حجر، فتح الباري 7/ 213).
(¬3) تصحفت في المطبوعة إلى (فَأمّا) بالفاء، والتصويب من المخطوطة، وشرح السنة، وصحيح البخاري.
(¬4) تصحفت في المطبوعة إلى (النيل)، والتصويب من المخطوطة وشرح السنة، وصحيح البخاري.
(¬5) البيت المعمور هو بيت في السماء السابعة، حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض (القاري، المرقاة 5/ 430).
(¬6) كذا في المطبوعة، وهو الموافق للفظ المؤلف في شرح السنة، واللفظ في المخطوطة: (فاسأله) وهو الموافق للفظ البخاري.

الصفحة 78