كتاب مصابيح السنة (اسم الجزء: 4)

4591 - وقال جابر: "إنَّا يومَ الخَنْدَقِ نَحفِرُ فعرَضَتْ (¬1) كُدْيَةٌ شديدةٌ، فجاءُوا النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فقالوا: هذِه كُدْيَةٌ عَرضَتْ في الخَنْدَقِ، فقال: أنا نازِلٌ: ثمَّ قامَ وبطنُهُ مَعصوبٌ بحجَرٍ، ولَبِثْنا ثلاثةَ أيّامٍ لا نَذوقُ ذَواقًا، فأخذَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم المِعْوَلَ فضربَ فعادَ كَثيبًا أهْيَلَ، فانْكَفأْتُ إلى امرأَتِي فقلتُ: هلْ عِندَكِ شيءٌ فإنِّي رأيتُ بالنبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم خَمَصًا شديدًا، فأخرجَتْ جِرابًا فيهِ صاعٌ مِنْ شَعيرٍ، ولنا بُهَيْمةٌ داجِنٌ فذبَحْتُها، وطَحنَتِ الشَّعيرَ، حتَّى جَعلْنا اللَّحْمَ في البُرْمَةِ، ثمَّ جِئت النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فسارَرْتُهُ فقلتُ: يا رسولَ اللَّه ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لنا وطَحَنَتْ صاعًا مِنْ شَعيرٍ، فتعالَ أنتَ ونَفَرٌ معَكَ فصاحَ النَّبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم: يا أهلَ الخَنْدَقِ إنَّ جابِرًا صَنَع سُورًا فَحَيَّ هَلا بكُمْ. فقالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: لا تُنْزِلنَّ بُرْمَتَكُمْ ولا تَخْبِزُنَّ عَجينَكُمْ حتَّى أَجِيءَ. وجاءَ فأخرَجَتْ لهُ عَجينًا فبَصق (2) فيهِ وباركَ، ثمَّ عَمَدَ إلى بُرْمَتِنا فبَصقَ (¬2) وباركَ، ثمَّ قال: ادْعُ خابِزةً فلتَخْبِزْ معَكِ، واقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكمْ ولا تُنزِلوها. وهُمْ ألفٌ فأُقسِمُ باللَّه لأكَلوا حتَّى تَركوه وانحَرَفوا، وإنَّ بُرْمَتَنا لَتَغِطُّ كما هِيَ، وإنَّ عَجينَنا لَيُخْبَزُ كما هوَ" (¬3).
¬__________
(¬1) العبارة في المخطوطة (فَعَرَضَتْ في الخندق)، والزيادة ليست في المطبوعة ولا في لفظ المؤلف في شرح السنة 14/ 5، ولا عند البخاري.
(¬2) في المخطوطة (فَبَسَقَ)، والتصويب من المطبوعة وصحيح البخاري.
(¬3) متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح 7/ 395 - 396، كتاب المغازي (64)، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب (19)، الحديث (4101) و (4102)، ومسلم في الصحيح 3/ 1610 - 1611، كتاب الأشربة (36)، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك. . . (20)، الحديث (141/ 2039). خَمصًا: هو بفتح الخاء والميم أي رأيته ضامر البطن من الجوع. والجِراب: وعاء من جلد. والصاع = 2.751 كلغ تقريبًا. والداجن: ما ألف البيوت. والسور: بضم السين وإسكان الواو غير مهموز وهو الطَّعام الذي يدعى إليه، وقيل الطَّعام مطلقًا، وهي لفظة فارسية. وقوله "اقدحي من برمتكم" أي اغرفي والقدح المغرفة. =

الصفحة 89