كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

وقال ابن عباس: المراد ب «مَنْ» جِبْرِيلُ، ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها «1» .
والقول الأولُ أَظهر وأبْيَنُ، وبه يتبيّن عُذْر مريم، ولا تبقى بها استرابة.
وقرأ نافعٌ، وحمزةُ، والكِسَائِيُّ، وحَفْصٌ عن عَاصِمٍ: «مِنْ تَحْتِهَا» بكسر الميم، واختلفوا أَيضاً فقالت فرقةٌ: المرادُ عيسى، وقالت فِرْقَةٌ: المراد جِبْرِيلُ المحاور لها قَبْلُ.
قالوا: وكان في بُقْعة أَخفضَ من البُقْعة الَّتي كانت هي عليها والأَول أَظهَرُ.
وقرأ ابنُ عباس «2» : «فَنَادَاهَا مَلَكٌ مِن تَحْتِهَا» .
والسَّرِيُّ: من الرجال العظيمُ السيّد، والسري: أَيضاً الجدولُ مِنَ الماء وبحسَبِ هذا اختلف النّاسُ في هذه الآية.
فقال قتادةُ، وابنُ زيدٍ: أَراد جعل تحتك عَظِيماً من الرجال، له شأنٌ «3» .
وقال الجمهورُ: أَشار لها إلى الجَدْول، ثم أَمرها بهز الجِذْع اليابِس لترى آيَةً أُخْرى.
وقالت فرقةٌ: بل كانت النخْلة مطعمة رطباً، وقال السُّدِّيُّ: كان الجِذْع مقطوعاً، وأجري تحتها النهر لحينه «4» .
قال ع «5» : والظاهر من الآية: أَن عيسى هو المكلِّم لها، وأَن الجِذْع كان يَابِساً فهي آيات تسليها، وتسكن إليها.
قال ص: قوله: وَهُزِّي إِلَيْكِ تقرر في عِلْم النحو أَن الفِعْل لا يتعدَّى إلى ضمير مُتّصلٍ، وقد رفع المتصل، وهما لمدلول واحد، وإذا «6» تقرر هذا ف «إِليك» لا يتعلق ب «هُزِّي» ، ولكن يمكن أَن يكون «إلَيْك» حالاً من جِذْع النخلة فيتعلَّق بمحذْوفٍ أَيْ: هزي بجذْع النخلة مُنْتهياً إليك. انتهى.
__________
(1) أخرجه الطبريّ (8/ 327) برقم (23625) ، وذكره ابن عطية (4/ 11) ، والبغوي (3/ 192) ، وابن كثير (3/ 117) ، والسيوطي (4/ 482) ، وعزاه لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس.
(2) ينظر: «المحرر الوجيز» (4/ 11) ، و «البحر المحيط» (6/ 173) .
(3) أخرجه الطبريّ (8/ 330) عن قتادة برقم (23656) ، وابن زيد برقم (23657) ، وذكره ابن عطية (4/ 11) ، وابن كثير (3/ 117) .
(4) أخرجه الطبريّ (4/ 330) برقم (23662) ، وابن عطية (4/ 11) .
(5) ينظر «المحرر الوجيز» (4/ 11- 12) .
(6) في ج: تقدر.

الصفحة 14