كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

واختلف في معنى قوله تعالى: يا أُخْتَ هارُونَ، فقيل: كان لها أَخٌ اسمه هارون لأَن هذا الاِسْم كان كَثِيراً في بني إسْرَائِيل.
ورَوَى المغيرةُ بن شُعْبة: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم أَرسله إلى أَهْلِ نَجْرَانَ في أمْرٍ من الأُمُور، فقالتْ له النصارى: إن صَاحِبَك يزعم أَنَّ مريمَ هي أُخْت هارون، وبينهما في المدّةِ ستُّ مائةِ سنة.
قال المغيرةُ: فلم أَدر ما أقول، فلما قَدِمْتُ على النبيّ صلى الله عليه وسلّم ذكرتُ ذلك له، فقال: أَلَمْ يَعْلَمُوا أنهم كانوا يسمون بأسماء الأنبياءِ والصّالحين «1» .
قال ع «2» : فالمعنى أَنه اسم وافق اسما.
وقيل: نسبُوها إلى هَارُون أَخِي مُوسَى لأَنها مِنْ نَسْله ومنه قوله صلى الله عليه وسلّم: «إن أَخَا صُدَاءٍ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ، فَهُوَ يقيم» «3» .
__________
(1) أخرجه مسلم (3/ 1685) كتاب الآداب: باب النهي عن التكني بأبي القاسم، حديث (9/ 2135) ، والترمذي (5/ 315) كتاب التفسير: باب ومن سورة مريم، حديث (3155) ، والنسائي في التفسير (2/ 29) رقم (335) ، وأحمد (4/ 252) ، وابن أبي شيبة (14/ 551) ، والطبريّ في «تفسيره» (16/ 77- 78) ، والطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 411) رقم (986) ، والبيهقي في «دلائل النبوة» (5/ 392) ، وابن حبان (6250) ، والبغوي في «تفسيره» (3/ 194) كلهم من طريق عبد الله بن إدريس عن أبيه عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة به.
وقال الترمذي: حديث صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن إدريس.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (4/ 486) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.
(2) ينظر «المحرر الوجيز» (4/ 13) .
(3) أخرجه أحمد (4/ 169) ، وأبو داود (1/ 352) : كتاب الصلاة: باب في الرجل يؤذن، ويقيم آخر، الحديث (514) ، والترمذي (1/ 384) : كتاب الصلاة: باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم، الحديث (199) ، وابن ماجه (1/ 237) : كتاب الأذان: باب السنة في الأذان، الحديث (717) ، والبيهقي (1/ 399) : كتاب الصلاة: باب الرجل يؤذن ويقيم غيره، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (7/ 503) ، وأبو نعيم (1/ 266) في «التاريخ» ، من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن زياد بن الحارث الصدائي به، وقال الترمذي: (إنما يعرف من حديث الأفريقي.. وقد ضعفه القطان وغيره.. قال: ورأيت محمد بن إسماعيل- يعني البخاري- يقوي أمره، ويقول: هو مقارب الحديث) .
وللحديث شاهد من حديث ابن عمر:
قال: أبطأ بلال يوما بالأذان، فأذن رجل، فجاء بلال فأراد أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يقيم من أذن» . -

الصفحة 16