كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

عَائِشَةَ، فاخترن اللهَ وَرَسُولَهُ- رَضِيَ «1» الله عنهن.
قالتْ فِرْقَةٌ قَوْله: بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يَعُمُّ جَمِيعَ المَعَاصِي ولزمهنَّ رضي الله عنهنَّ بحَسْبِ مَكَانَتُهُنَّ، أَكْثَرَ مِمَّا يَلْزَمَ غيرَهن، فَضُوعِفَ لهنَّ الأجْرُ والعذابُ.
وقوله: ضِعْفَيْنِ معناه: يكونُ العذابُ عذابَين، أي: يضاف إلى عذابِ سائِر النَّاس عذابٌ آخر مثله، ويَقْنُتْ: معناه: يُطِيعُ ويَخْضَعُ بالعبُوديَّة قاله الشعبي «2» وقتادة «3» .
والرزقُ الكريمُ: الجنة. ثم خاطَبَهُنَّ اللهُ سبحانه بأنّهنّ لَسْنَ كأحدٍ مِن نساءِ عَصْرِهنَّ فَمَا بَعْدُ، بَلْ هُنَّ أَفْضَلُ بشرطِ التَّقْوَى، وإنما خصصنا النساء لأَن فيمن تقدم آسية ومريم فتأملْهُ وقد أشار إلى هذا قتادة. ثم نَهَاهُنَّ سبحانه عما كانت الحالُ عليه في نساء العرَب من مكالَمَةِ الرجال برَخيمِ القولِ وفَلا تَخْضَعْنَ معناه: لا تُلِنَّ.
قال ابن زيد: خضع القول ما يدخل في القلوب الغزل «4» والمرضُ في هذه الآية قال قتادة: هو النفاق «5» .
وقال عكرمة: الفِسْق «6» والغزل، والقولُ المعروفُ هو الصوابُ الذي لا تنكره الشريعةُ ولا النفوسُ. وقرأ الجمهور: «وقِرْن» - بكسر القَافِ-، وقرأ نافعُ وعاصِمُ:
«وقَرْن» - بالفتح «7» -، فأما الأولى فيصح أن تكونَ من الوَقار، ويصحُّ أن تَكُونَ من القَرَارِ، وأما قراءة الفتح فعلى لغة العرب قَرِرْتُ- بِكَسْرِ الرَّاءِ- أَقِرَ- بفتح القاف في المكان/، وهي لغة ذكرها أبو عبيد في «الغريب» المصنف وذكرها الزجاج «8» وغيره، 74 أفأمر الله تعالى في هذه الآية نسَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلّم بملازمة بيوتهن، ونهاهنّ عن التبرج
__________
(1) أخرجه مسلم (2/ 1104) 18- كتاب الطلاق: 4- باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية، حديث (29/ 1478) من حديث جابر.
(2) ذكره ابن عطية (4/ 382) . [.....]
(3) أخرجه الطبريّ (10/ 292) رقم (28471) بنحوه، وذكره ابن عطية (4/ 382) .
(4) أخرجه الطبريّ (10/ 293) رقم (28474) بنحوه، وذكره ابن عطية (4/ 383) .
(5) أخرجه الطبريّ (10/ 293) رقم (28475) ، وذكره ابن عطية (4/ 383) .
(6) ذكره ابن عطية (4/ 383) .
(7) ينظر: «السبعة» (522) ، و «الحجة» (5/ 475) ، و «إعراب القراءات» (2/ 199) ، و «معاني القراءات» (2/ 282) ، و «شرح الطيبة» (5/ 147) ، و «العنوان» (155) ، و «حجة القراءات» (577) ، و «شرح شعلة» (549) ، و «إتحاف» (2/ 375) .
(8) ينظر: «معاني القرآن» للزجاج (4/ 225) .

الصفحة 345