كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

عليه السلام- معَ مَا جَعَلَ الله له من ذلكَ كان يُسَوِّي بينهن في القَسْمِ تَطْيِيباً لنفُوسِهنَّ وأخْذاً بالفَضْلِ، وما خصه الله من الخَلق العظيم- صلى الله عليه وعلى آله- غير أن سودة وهبت يومها لعائشة تقمّنا لمسرّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 52 الى 55]
لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (52) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً (53) إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (54) لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (55)
وقوله تعالى: لاَّ يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ قيل كما قدمنا: إنها حظَرَتْ عليه النساءَ إلا التسْعَ وما عُطِفَ عَليهِنَّ على ما تقدم لابن عباس وغيره، قال ابن عباس وقتادة:
جَازَاهُنَّ الله بذلك لما اخترنَ الله وَرسوله «1» ، ومن قال: بأن الإباحَةَ كانتْ له مُطْلَقَةً قَال هنا: لاَّ يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ معناه: لا يحل لك اليهودياتُ ولا النصرانياتُ، ولا ينبغي أن يكنَّ أمهاتِ المؤمنين ورُوِيَ هذَا عَن مجاهدَ «2» وكذلك قَدَّرَ: ولا أن تبدل اليهودياتِ والنصرانياتِ بالمسلماتِ وهو قول أبي رزين وابن جبير «3» وفيه بُعْدٌ.
وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ هذهِ الآيةُ تُضمنتُ قِصَّتَيْنِ: إحداهما: الأدبُ في أمر الطعام والجلوس، والثانية: أمر الحجاب.
__________
(1) أخرجه الطبريّ (10/ 316) رقم (28581) عن ابن عباس، وعن قتادة برقم (28582) ، وذكره البغوي (3/ 538) ، وابن عطية (4/ 394) ، وابن كثير في «تفسيره» (3/ 501) . والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 399) ، وعزاه لابن مردويه عن ابن عباس.
(2) أخرجه الطبريّ (10/ 318) (28589) ، وذكره البغوي (3/ 538) ، وابن عطية (4/ 394) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 399) ، وعزاه لسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(3) ذكره ابن عطية (4/ 394) .

الصفحة 355