كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

وقوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ الآية. قيل: معنى الأزواج هنا: الأنواع، وقيل: أراد تزويجَ الرجالِ النساءَ، والضميرُ في عُمُرِهِ قال ابن عباس وغيره، ما مقتضاه: أنه عائد على مُعَمَّرٍ الذي هو اسم جنس «1» والمراد غيرُ الذي يعمر، وقال ابن جبير وغيره: بل المراد شخص واحد وعليه يعود الضمير، أي: ما يعمر إنسان ولا ينقص من عمره بأن يحصى ما مضى منه إذا مَرَّ حَوْلٌ كتب ما مضى منه، فإذا مر حول آخر كتب ذلك، ثم حول، ثم حول فهذا هو النقص.
قال ابن جبير: فما مضى من عمره فهو النقص وما يستقبل فهو الذي يعمره «2» .
وقوله تعالى: وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ تقدم تفسير نظير هذه الآية.
وقوله تعالى: وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى الآية: الأجل المسمَّى هو قيام الساعة، وقيل: آماد الليل، وآماد النهار، والقِطْمِير: القشرة الرقيقة التي على نوى التمرة. وقال الضحاك وغيره: القِطْمِير القِمَعُ الذي في رأس التمرة «3» ، والأول أشهرُ وأصوبُ. ثم بيَّن تعالى بطلانَ الأصنام بثلاثة أشياءَ: أوَّلُها: أنها لا تسمع إنْ دُعِيَتْ، والثاني: أنها لا تجيب إن لو سمعت، وإنما جاء بهذه لأن القائل متعسف أن يقول:
عساها تسمع، والثالثُ: أنها تَتَبَرَّأ يوم القيامة من الكفرة.
وقوله تعالى: وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ قال المفسرون: الخبيرُ هنا هو الله سبحانه فهو
__________
(1) أخرجه الطبريّ (10/ 400) (28949) ، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (3/ 550) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 463) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(2) أخرجه الطبريّ (10/ 401) (28952) ، وذكره البغوي (4/ 566) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 464) ، وعزاه لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ في «العظمة» عن سعيد بن جبير. [.....]
(3) أخرجه الطبريّ (10/ 403) (28966) ، عن جويبر عن بعض أصحابه. وذكره ابن عطية (4/ 434) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 466) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر عن الضحاك.

الصفحة 385