كتاب تفسير الثعالبي = الجواهر الحسان في تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

قال صاحب: «الكلم الفارقية والحكم الحقيقة» : العلم النافعُ ما زَهَّدَك في دنياك، ورغَّبك في أخراك، وزادَ في خوفِك وتَقْواك، وبعثَك على طاعةِ مولاك، وصَفَّاك مِن كَدَرِ هَوَاك. وقال- رحمه الله-: العلومُ النافعةُ ما كانتْ لِلْهِمَمِ رافعةً، وللأهواءِ قامِعةً، وللشكوكِ صَارِفةً دافعةً. انتهى.

[سورة فاطر (35) : الآيات 29 الى 31]
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ ...
الآية، قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: هذه آية «1» القُرَّاء.
قال ع «2» : وهذا على أنْ يَتْلُونَ بمعنى: يقرؤون، وإنْ جَعَلناه بمعنى: يتبعون، صَحَّ معنى الآية وكانت في القُرَّاء وغيرهم ممن اتصف بأوصاف الآية، وكتاب الله هو القرآن، وإقامةُ الصلاة، أي: بجميع شروطها، والنفقةُ هي في الصدقات ووجوه البرّ ولَنْ تَبُورَ معناه: لن تكسد. ويَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قالت فرقة: هو تَضْعِيفُ الحسناتِ، وقالت فرقة: هو إما النظر إلى وجه الله عز وجل، وإما أن يجعلَهم شَافِعينَ في غيرهم كما قال: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يونس: 26] .
ت: وَقَدْ خَرَّجَ أبو نُعَيْمٍ بإسناده عن الثَّورِي عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ قال: أجورهم: يدخلهم الجنة، ويزيدهم من فضله: الشفاعةُ لِمَنْ وَجَبَتْ له النار ممن صنع إليه المعروف في الدنيا. وخَرَّج ابنُ مَاجَه في «سُنَنه» عن أنس بن مالك/، قال: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «يصفّ النّاس 84 أصفوفا» . وقال ابن نُمير: أهُلُ الجَنَّةِ- فَيَمُرُّ الرَّجُلُ مِنْ أهْلِ النَّارِ عَلَى الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا فُلاَنُ، أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ استسقيتني، فسقيتك شربة؟ قال: فيشفع له. ويمرّ
__________
(1) أخرجه الطبريّ (10/ 410) (28988) ، وذكره ابن عطية (4/ 438) ، وابن كثير في «تفسيره» (3/ 554) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 471) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، ومحمد بن نصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه.
(2) ينظر: «المحرر» (4/ 438) .

الصفحة 389