كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)

على صدق عمومات الوعيد دونَ عموماتِ الوعد، فذلك يُفيدُ (¬1) القطع معهم، وهذه لا تفيدُ الظنَّ، ولا التجويزَ، ولا الوهم، هذا فِعْلُهم لا اعتقادُهم (¬2).
وإذا قيل لهم: إنَّ الخصوص مُقدَّمٌ على العموم، اعتلُّوا بعللٍ باردَةٍ (¬3)، ثم إذا جاء العموم عليهم خصَّصُوه.
مثال ذلك: أنهم يحتجون على نفي الشفاعة لعصاة المسلمين بعمومِ قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18]، ويُقدِّمونه على خصوص قوله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: 86، 87]، وخصوص {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، ويتأوَّلون هذه الأدلَّة الخاصة مع ما في السُّنَّة من النصوص التي لا يمكن تأويلها، ويتركون البحث عن السنن حتى يحكموا على المتواتر بالآحاد، ويبالغون في أن العموم لا يتأوَّل في الوعيد، فيردُّ عليهم العموم الذي ورد فيه نفيُ الشفاعة مطلقاً عن المطيع والعاصي كقوله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ} [السجدة: 4]، وقوله: {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: 254]، فيتأولونه بما هو أخصُّ منه (¬4) فلا تستمِرُّ لهم قاعدةٌ، ولا يستمرون على أصل، ويقطعون في هذا الموضع الظَّنِّي مع كثرة المعارضات، وسَعَةِ (¬5) المُبيِّنات المُحكَمَاتِ المُخَصِّصَاتِ قرآناً وسنة،
¬__________
(¬1) في (ش): فتلك تفيد.
(¬2) في (ش): " لاعتقادهم " وهو خطأ.
(¬3) في (ب): نادرة، وفي (ش): زائدة.
(¬4) سقطت من (ش).
(¬5) " وسعة " ساقطة من (ش).

الصفحة 12