كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)

واحتمال العمومات على ردِّ المأثور، وتكذيب الثقات معتقدين للتحقيق الذي فات مَن سواهم، والسبق الذي لا يُدرِكُهُ فيه مَن عداهم، وهذا كلام البصرية والبهاشمة (¬1).
وأما البغداديةُ، فجَحَدُوا الضرورة، وقالوا: العفوُ عن الذنب قبيحٌ عقلاً، ولو لم يصدُر قبلَه وعيدٌ، ولا تهديدٌ، بل أفحشُ من هذا أنهم قالوا: إنَّ الأصلح للعباد واجبٌ على الله تعالى في الدنيا والآخرة حتى التزموا أنَّ خلود أهل (¬2) النار فيها أصلحُ ما في مقدرات (¬3) الله تعالى للعباد، وأنه واجبٌ على الله، لأنه أصلحُ، وأعجبُ من هذا وأغرب أنهم لم يوجبوا (¬4) الثواب، لأنه أصلحُ، وذلك لأن العبادات عندهم شكرٌ على ماضي النعم، وكذلك قالت البغدادية من المعتزلة: إن الله ليس بسميعٍ ولا بصيرٍ ولا مريدٍ حقيقةً، وإنَّما ذلك مجازٌ، وحقيقته أنه عالمٌ لا سوى.
وقالت البغدادية أيضاً: إن جميع أخبار الثقات مردودةٌ ما لم تَواتَرْ، ولا يدرون ما يُؤَدِّي ذلك إليه، ولا يدرون ما في ذلك من المفاسد، ويعتقدون أن ذلك متابعة (¬5) لمحض العقل وهو مكابرةٌ لمحض العقل، كما ردَّ عليهم ذلك أبو الحسين، والمنصور، وأبو طالب (¬6) وغيرُ واحدٍ.
ومن عجائبهم أنه لا دليل لهم على ذلك إلاَّ أدلة (¬7) ظنيَّة من (¬8)
¬__________
(¬1) في (ش): والبهشمية.
(¬2) " أهل " ساقطة من (ش).
(¬3) في (ش): مقدورات.
(¬4) في (ش): " أنهم يوجبون " وهو خطأ.
(¬5) في (ش): " مبالغة " وهو خطأ.
(¬6) في (ش): وأبو طالب، والمنصور.
(¬7) في (ش): الأدلة
(¬8) في (ش): ومن.

الصفحة 13