كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ثلاثٌ من أصل الإيمان: الكفُّ عمن قال: لا إله إلاَّ الله، لا نُكفِّرُهُ بذنب، ولا نُخرِجُهُ من الإسلام بعَمَلٍ، والجهاد ماضٍ منذُ بعثني الله إلى أن تقاتل آخرُ أمتي الدَّجَّال، لا يُبطلُهُ جورُ جائرٍ؛ والإيمان بالأقدار " (¬1) رواه أبو داود (1)، وحكاه أحمد في رواية ابنه (¬2) عبد الله.
فالظن الحاصل بهذا وما في معناه من الحديث أقوى من ظنِّ التكفير المستند إلى القياس.
وقد صنَّف العلامة أبو محمد بن حزم الفارسي (¬3) مصنَّفاً حافلاً في المنع من تكفير أهل القِبلَة، وعقد البخاري باباً في " صحيحه " في ذلك (¬4)، وقد بسطتُ هذا في غير هذا الموضع في هذا الكتاب، والله الهادي وله الحمد والمنة.
وأما قول من يقولُ: ما الفرق بين الخلق، والجعل، والحُدُوث حتى كفَّر أحمد بن حنبل وغيرُه من قال بخلق القرآن، ولم يُكفِّرُوا من قال بحدوثه من الظاهرية؟
فالفرق: أن من قال: بخلق القرآن (¬5)، إنَّما صاروا إلى ذلك لاعتقادهم أنه مستحيل (¬6) على الله تعالى أن يكون متكلِّماً على الحقيقة كما
¬__________
(¬1) رقم (2532) وفي سنده يزيد بن أبي نُشبة راويه عن أنس، وهو مجهول.
(¬2) ساقطة من (ش).
(¬3) تصحفت في (ش) إلى: " الفاسي "، وكتابه المشار إليه هو: " الرد على من كفَّر المتأولين من المسلمين " ذكره الذهبي في " النبلاء " 18/ 195 ضن مؤلفاته.
(¬4) باب " من كفَّر أخاه بغير تأويل فهو كما قال " 10/ 514 بشرح " الفتح ".
(¬5) ساقطة من (ش).
(¬6) في (ب) و (ش): يستحيل.

الصفحة 371