كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)

يَفنى، وأنه يحُلُّ في الخطِّ المكتوب، ويظهر مع الصَّوت، وهو غير الصوت. حكى هذا (¬1) عنه الشيخ ابن مثَّوَيه في كتابه " التَّذكرة ".
فقد وافق أبو عليٍّ الأشعرية على تفسير كلام الله تعالى بأنه غير الصوت المسموع، فلما دق النظر في باب (¬2) الكلام تركه المحدثون على عادتهم في ترك أمثاله، وتركوا ما يترتَّب عليه، وإن كان الأمر في هذا قريباً (¬3)، ورأوا الحزم البُعد من مواضع التَّكفير، وإن نُسِبُوا في ذلك إلى الجهل فقد قيل: إن طريقة السلف، أسلَمُ، وطريقة الخلف أعلم، فالسعي في السلامة أولى من دعوى العلم، ومسألة الكلام (¬4) سهلة، ولكن هوَّلها المتكلِّمون بتجاسُرهم على تكفير المخالف فيها. فالله المستعان.
وقد عوَّل البيهقي في " الأسماء والصفات " على هذا المعنى، وحام عليه ولم يقع، ولم تخلُص (¬5) له تلك النُّكتة اللَّطيفة في وجه ذِكْرِ حدوث القرآن، وسبب وروده فقال البيهقي (¬6): المراد بالذِّكر المُحْدَثِ ذكر القرآن لهم، وتلاوته عليهم، وعلمهم به، كل ذلك مُحْدَثٌ، والمذكور المتلوُّ المعلوم غير مُحْدَثٍ، كما أن ذِكْرَ العبد لله تعالى مُحْدَثٌ، والمذكور -سبحانه- غير مُحْدَثٍ.
¬__________
(¬1) في (ب): ذكر ذلك.
(¬2) في (ب) و (ش): ذات.
(¬3) في (أ): " قريباً من "، وفي (ش): " قريباً وسهله "، وكتب فوقها: كذا في الأم، وفي (ب): " قريباً سهله ".
(¬4) من قوله: " فرأوا الحزم " إلى هنا أتى في نسخة (ب) بعد قوله الآتي: " فالله المستعان ".
(¬5) في (أ) و (ج) و (د): يلخص.
(¬6) ص 229.

الصفحة 378