كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)

إسحاق، يعني: ابن خزيمة - إلى طريقة السلف وتلهف على ما قال.
قلت: وهو يدل على ما قال البيهقي: أنهم أخطؤوا في العبارة، فمن بان له منهم معناها (¬1)، رجع عنه؛ لأنه خلافُ الضرورة، فلا يُخالِف فيه بعد معرفة معناه (¬2) عاقلٌ، أما المتأوِّل، فظاهرٌ، وأما غيره، فلما يعرف مِنَ الاستهزاء به، فأمَّا الأئمة الذين نهوا عن ذلك وضده -كأحمد بن حنبل، وإضرابه- فإنما (¬3) نهوا عنه كراهيةً لما يُلبِسُ على عوامِّ المسلمين، ويُضارع ألفاظ أهل البدع، ويتولَّد منه المِراء والتشويش.
فإن قيل: ما يقول أهل السُّنة في قوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شيءٍ} [الرعد: 16]، فقد احتجت به (¬4) المعتزلة على خلق القرآن، لأنه شيءٌ.
قلنا: يقولون: إن عمومها مخصوصٌ بإجماع الفريقين.
أمَّا المعتزلة، فيُخرجون منها جميع أفعال العباد، وجميع الذوات الثابتة عندهم في حال العدم، بل قد ألزمهم أهل السنة أن الله -على مذهبهم- ما خلق شيئاً قطُّ، لأن قدرته -عندهم- لا تَعلَّقُ بالذَّوات، وإنما يُكسب (¬5) الذوات صفة الوجود، وصفة الوجود التي هي أثَرُ قدرته ليست بشيءٍ عندهم (¬6) كما سيأتي (¬7) محقَّقاً في مسألة أفعال العباد من هذا الكتاب.
¬__________
(¬1) في (ش): معناه.
(¬2) في (ب): معرفته لمعناه.
(¬3) في (ب): فإنهم.
(¬4) في (ب): " احتجت بها "، وفي (ش): احتج به.
(¬5) في (ب): تكسب.
(¬6) من قوله: " لا تعلق " إلى هنا ساقط من (ش).
(¬7) في (ش): يأتي.

الصفحة 385