كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)
وأما أهل السنة، فمعنى الآية عندهم: أن الله تعالى خالقُ كلِّ شيء من عالم الخلق، لا من عالم الأمر، فإنه لا يُسمَّى مخلوقاً، لقوله تعالى: {ألا لَهُ الخَلْقُ والأمْرُ} [الأعراف: 54]، وهي أبينُ آيةٍ في هذا، لأنه قسَّم المسميات فيها إلى قسمين مختلفين متغايرين:
أحدهما: الخلق، وهو أخصُّهما، ولذلك قدَّمه.
وثانيهما: الأمر، وهو أعمُّهما، ولذلك أخره؛ لأن الخلق نوع من جنس الأمر يدخل تحته، بدليل قوله تعالى: {وإليه يَرْجِعُ الأمرُ كُلُّهُ} [هود: 123]، فدخل فيه الخلق والأمر، ولذلك قال سبحانه وتعالى: {إنما أمرُه إذا أراد شيئاً أن يقُولَ لَهُ كُنْ فيكُوْنُ} [يس: 82]، فلو كانت " كُنْ " مخلوقةً من جملة عالم الخلق، ما كانت (¬1) سبباً لخلق المخلوقات، ولكانت محتاجةً إلى أن يُقال لها (¬2) ذلك، ويؤدي (¬3) إلى التسلسل.
وسيأتي في مسألة خلق الأفعال أنه لم يَرِدْ في اللغة تسمية (¬4) كلِّ شيءٍ مخلوقاً، وإن كان الخلق والأمر كلاهما لله تعالى، فَلِكُلِّ واحد منهما اسمٌ يخصه.
ومن هنا اختصَّ الوعيد بالمصوِّرين المتعرِّضين لما سمَّى (¬5) خلقاً، وقيل لهم: " فليخلُقُوا حبةً أو شعيرةً " وقال صلى الله عليه وآله وسلم:
¬__________
(¬1) في الأصول: " كان "، والمثبت من (ب).
(¬2) ساقطة من (ش).
(¬3) في (ب): وذلك يؤدي.
(¬4) في (ب): تسميته.
(¬5) في (ب): يسمَّى.