كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)
القصبيّ (¬1)، ومحمد بن عبد الله الإسكافي، فما سألني أحدٌ منهم قطُّ (¬2) عما يختلِفُ الناس فيه من أمر القرآن، والاستطاعة، ولا كشفوني عن شيءٍ من ذلك.
وأخبرني أبو سهل (¬3) الخراساني أنه كان رسول سهلِ (3) بن سلامة، وهُوَ من كبار المعتزلة وعُبَّادهم - إلى عبد الله بن موسى يدعوه إلى أن يتقلَّد هذا الأمر، ويكون سهل (3) عوناً له عليه.
قال محمد: فهذا غيرُ سبيلُ المنتحلين اليوم للدِّين، وغير ما أظهروا وشرَّعوا من التباين، والبراءة، والتَّكفير، وهذا هو الفرقة والاختلاف الذي نهى الله عنه في القرآن بقوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105]، وقوله: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 19].
فأخبر سبحانه أن اختلافهم بغيٌ من (¬4) بعضهم على بعضٍ، وأخبر عز وجل أن في (¬5) الفُرقة الضَّعف والفَشَلَ عن العدو، فحذَّر من ذلك بقوله: {ولا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]، يقول الله عز وجل: فتذهب هَيْبَتُكُمْ.
¬__________
(¬1) هو أبو محمد جعفر بن مبشر الثقفي المعتزلي. قال الذهبي: كان مع بدعته يوصف بزهد وتألُّه وعِفَّة، وله تصانيف جمة، وتبحّر في العلم. انظر ترجمته في " السير " 10/ 549.
(¬2) في (ش): قط منهم.
(¬3) في (ش): سهيل.
(¬4) في (ش): عن.
(¬5) ساقطة من (ب).