كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)

المؤمن، بل حكى الله عن الرسل أنهم قالوا لمن قال: إنه شاكٌّ: أفي الله شكٌّ (¬1)، كما سيأتي.
والمتكلم الجاهل يطلب أن يكون فوق الأنبياء والملائكة، فكذلك فليكن العلوُّ، أجمعوا (¬2) على أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لم يُوجب مناظرة الكفار قبل قتالهم، وإنَّما أمَرَ بدعائهم قبل قتالهم، هذا في أول الإسلام حتى اشتهرت الدعوةُ النبوية، واستفاضت، وقاتل عليه الصلاة والسلام قبل الدعاء.
ومِنَ المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعذر الكفار، ولو اعتذروا بعد الدعوة النبوية بعدم وضوح الأدلة العقلية، وجاؤوا بفيلسوفٍ، فناظر عنهم، وطلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك قتالهم حتى يتعلموا (¬3) أدلَّة الكلام، ويفهموا الجواب، ولن يفهموا الجواب على ما ينبغي حتى يتعلموا (¬4) السؤال، ولو جاز أن يُمهلهم ساعة أو (¬5) يوماً جاز شهراً وعاماً والعمر كله لاختلاف أفهام الناس، ولعذر (¬6) المرتد متى توقَّف، وادَّعى شُبهاً عويصة (¬7) أوجبت عليه النظر، وأزال التهمة ببيان تلك الشبهة، وعجز الأكثرين عنها، وتعب أفراد (¬8) الخواص في معرفة دقيق جوابها.
الجواب الخامس: أنها وردت نصوصٌ تقتضي العلم أو الظن أن
¬__________
(¬1) في (ب): إنه شاك في الله. وهو خطأ.
(¬2) في (ش): وأجمعوا.
(¬3) في (ش): يعلموا.
(¬4) في (ب) و (ش): يفهموا.
(¬5) في (ش): و.
(¬6) في (ش): ويعذر.
(¬7) في (ش): عريضة.
(¬8) في (ش): " وتعب أكثر ".

الصفحة 77