كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)

تعالى جميع ما يفعلُه، وإنَّما يعلم بعض ما لا يفعله كالذوات، وقد أجبنا عن المدافعة بالملافظة، وأنه بفعل الذوات على الوجود، لأن المراد إن كان أنه (¬1) بفعلهما، أو بفعل الذات، فهو محال عندهم لاستغناء الذات عن الفاعل، أو بفعل الوجود، فيلزمُ الإلزام الشنيع.
ومنها: أنه يريد وجود الجوهر لا الذات، فيلزمُ أن لا يعلم جميع ما يُريده، وإنَّما يعلم ما لا يُريده.
ومنها: أن لا يكون في العالم معلوم أصلاً، لأن تعريف الذوات بالصفات، وهي غير معلومة.
ومنها: أن لا يعلم الله تعالى قيام الساعة، لأنَّها نفيُ الوجود عندهم (¬2) لا الذات.
ومنها: أن لا يعلم الله صفاته وأحواله، مع أنها ثابتةٌ له، وهو بكلِّ شيءٍ عليمٌ، إلى آخر ما ذكره.
وكذلك يقولون: إنَّه سبحانه لا يَقدِرَ على شيءٍ من أعيان مقدورات العباد، وإنما يقدرُ على أمثالها مع قولهم في مقدورات العباد: إنها ذواتٌ ثابتة في العدم، فيجوِّزون أن يكون في العدم ذوات ثابتة ممكنة غير مقدورة للقادر على كل شيءٍ، وكل هذا حتى لا يجوِّزوا مقدوراً (¬3) بين قادرين. وقد شنَّع أبو الحسين في (¬4) ذلك، وسيأتي تمام الكلام فيه في مسألة أفعال العباد.
¬__________
(¬1) في (ب): لأن المراد أنه إن كان.
(¬2) في (ش): عنهم.
(¬3) في (ش): " مقدور "، وهو خطأ.
(¬4) في (ش): عليهم في.

الصفحة 9